جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"أمْ يَقُولُونَ شاعِر نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ "يقول جلّ ثناؤه: بل يقول المشركون يا محمد لك: هو شاعر نتربص به حوادث الدهر، يكفيناه بموت أو حادثة متلفة... وقال بعضهم: هو الموت... عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم: احبسوه في وثاق، ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك مَن قبله من الشّعراء زُهير والنابغة، إنما هو كأحدهم، فأنزل الله في ذلك من قولهم: "أمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبّصُ بِهِ رَيْبَ المَنُونِ"...
وقال آخرون: معنى ذلك: ريب الدنيا، وقالوا: المنون: الموت...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
ثم لمّا عجزوا عن مقابلة ما أتاهم من الحجج قالوا: {نتربّص به ريب المَنُون} أي عن قريب يرجعون إلى ديننا وإلى ما نحن فيه، وكانوا يقولون للضعفاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن محمدا يموت، ويصير الأمر لنا، وترجعون إلينا...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
والمنون: المنية، وريبها: الحوادث التي تريب عند مجيئها...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وريب المنون: ما يقلق النفوس ويشخص بها من حوادث الدهر...
المسألة الثالثة: ما وجه تعلق قوله {نتربص به ريب المنون} بقوله {شاعر}؟ نقول فيه وجهان:
(الأول) أن العرب كانت تحترز عن إيذاء الشعراء وتتقي ألسنتهم، فإن الشعر كان عندهم يحفظ ويدون، وقالوا لا نعارضه في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره، وإنما سبيلنا الصبر وتربص موته.
(الثاني) أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الحق دين الله، وإن الشرع الذي أتيت به يبقى أبد الدهر وكتابي يتلى إلى قيام الساعة، فقالوا ليس كذلك إنما هو شاعر، والذي يذكره في حق آلهتنا شعر ولا ناصر له وسيصيبه من بعض آلهتنا الهلاك فنتربص به ذلك.
المسألة الرابعة: ما معنى ريب المنون؟ نقول قيل هو اسم للموت فعول من المن وهو القطع والموت قطوع، ولهذا سمي بمنون، وقيل المنون الدهر، وريبه حوادثه، وعلى هذا قولهم {نتربص} يحتمل وجها آخر، وهو أن يكون المراد أنه إذا كان شاعرا فصروف الزمان ربما تضعف ذهنه وتورث وهنه فيتبين لكل فساد أمره وكساد شعره...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{أم يقولون} ما هو أعجب في مجرد قوله فضلاً عن تكريره، فأم معادلة للاستفهام قبلها لا مقطوعة، وكذا جميع ما بعدها وهو معنى ما نقله البغوي عن الخليل أنه قال: ما في سورة الطور من ذكر "أم " كله استفهام وليس بعطف...
{شاعر} يقول كلاماً موزوناً بالقصد، يلزمه التكلف لذلك فيغلب إلزام الوزن قائله حتى يجعل اللفظ هو الأصل ويجعل المعنى تابعاً له، فيأتي كثير من كلامه ناقص المعاني هلهل النسج مغلوباً فيه على أمره معترفاً إذا وقف عليه بتقصيره متعذراً مما زانه به زعم من أوزانه، وساق سبحانه هذا وكذا ما بعده من الأقسام على طريق الاستفهام مع أن نسبتها إليهم محققة، تنبيهاً على أن مثل هذا لا يقوله عاقل، وإن قاله أحد لم يكد الناقل عنه يصدق: {نتربص} أي ننتظر {به ريب المنون} أي حوادث الدهر من الموت وغيره القاطعة، من المن وهو القطع...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والمعنى: بل أيقولون شاعر الخ. والاستفهام المقرّر إنكاري. ومناسبة هذا الانتقال أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدوام على التذكير يُشير إلى مقالاتهم التي يردون بها دعوته فلما أشير إلى بعضها بقوله تعالى: {فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون} [الطور: 29] انتقل إلى إبطال صفة أخرى يثلثون بها الصفتين المذكورتين قبلها وهي صفة شاعر...
والمنون: من أسماء الموت ومن أسماء الدهر... وقد فُسر بكلا المعنيين، فإذا فسر بالموت فإضافة {ريب} إليه بيانية، أي الحدثان الذي هو الموت وإذا فسر المنون بالدهر فالإِضافة على أصلها، أي أحداث الدهر من مثل موت أو خروج من البلد أو رجوع عن دعوته، فريب المنون جنس وقد ذكروا في مقالتهم قولهم: فسيهلك، فاحتملت أن يكونوا أرادوه بيانَ ريب الموت أو إن أرادوه مثالاً لريب الدهر، وكلا الاحتمالين جار في الآية لأنها حكت مقالتهم. ولما كان انتفاء كونه شاعراً أمراً واضحاً يكفي فيه مجردُ التأمل لم يتصد القرآن للاستدلال على إبطاله وإنما اشتملت مقالتهم على أنهم يتربصون أن يحلّ به ما حلّ بالشعراء الذين هم من جملة الناس. فأمر الله تعالى نبيئه صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم عن مقالتهم هذه بأن يقول: {تربصوا فإني معكم من المتربصين} [الطور: 31]، وهو جواب منصف لأن تربص حلول حوادث الدهر بأحد الجانيين أو حلول المنية مشترك الإِلزام لا يدري أحدنا ماذا يحل بالآخر.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.