قوله تعالى : { قال بصرت بما لم يبصروا به } رأيت ما لم يروا وعرفت ما لم يعرفوا . قرأ حمزة والكسائي : ( ما لم يبصروا ) بالتاء على الخطاب ، وقرأ الآخرون : بالياء على الخبر . { فقبضت قبضة من أثر الرسول } أي : من تراب أثر فرس جبريل { فنبذتها } ، أي : ألقيتها في فم العجل . وقال بعضهم : إنما خار لهذا لأن التراب كان مؤخوذاً من تحت حافر فرس جبريل . فإن قيل : كيف عرفه ورأى جبريل من بين سائر الناس ؟ قيل : لأن أمه لما ولدته في السنة التي كان يقتل فيها البنون وضعته في الكهف حذراً عليه ، فبعث الله جبريل ليربيه لما قضى على يديه من الفتنة { وكذلك سولت } أي : زينت . { لي نفسي* }
وقد رد السامرى على موسى بقوله : { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } أى : علمت ما لم يعلمه القوم ، وفطنت لما لم يفطنوا له ، ورأيت ما لم يروه .
قال الزجاج : يقال : بصر بالشىء يبصر - ككرم وفرح - إذا علمه ، وأبصره إذا نظر إليه .
{ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرسول فَنَبَذْتُهَا } روى أن السامرى رأى جبريل - عليه السلام - حين جاء إلى موسى ليذهب به إلى الميقات لأخذ التوراة عن الله - عز وجل - ولم ير جبريل أحد غير السامرى من قوم موسى ، ورأى الفرس كلما وضعت حافرها على شىء اخضرت ، فعلم أن للتراب الذى تضع عليه الفرس حافرها شأنا ، فأخذ منه حفنة وألقاها فى الحلى المذاب فصار عجلا له خوار .
والمعنى قال السامرى لموسى : علمت ما لم يعلمه غيرى فأخذت حفنة من تراب أثر حافر فرس الرسول وهو جبريل - عليه السلام - فألقيت هذه الحفنة فى الحلى المذاب ، فصار عجلا جسدا له خوار .
{ وكذلك سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } أى : ومثل هذا الفعل سولته لى نفسى ، أى زينته وحسنته لى نفسى ، لأجعل بنى إسرائيل يتركون عبادة إلهك يا موسى ، ويعبدون العجل الذى صنعته لهم .
وعلى هذا التفسير الذى سار عليه كثير من المفسرين ، يكون المراد بالرسول : جبريل - عليه السلام - ويكون المراد بأثره : التراب الذى أخذه من موضع حافر فرسه .
هذا ، وقد نقل الفخر الرازى عن أبى مسلم الأصفهانى رأيا آخر فى تفسير الآية فقال ما ملخصه : ليس فى القرآن ما يدل على ما ذكره المفسرون ، فهنا وجه آخر ، وهو أن يكون المراد بالرسول : موسى - عليه السلام - وبأثره : سنته ورسمه الذى أمر به ، وهو أن يكون المراد بالرسول : موسى - عليه السلام - وبأثره : سنته ورسمه الذى أمر به ، فقد يقول الرجل : فلان يقص أثر فلان ويقتص أثره إذا كان يمتثل رسمه ، والتقدير : أن موسى لما أقبل على السامرى بالتوبيخ وبسؤاله عن الأمر الذى دعاه إلى إضلال القوم بعبادة العجل ، رد عليه بقوله : بصرت بما لم يبصروا به ، أى : عرفت أن الذى أنتم عليه ليس بحق ، وقد كنت قبضت قبضة من أثرك أيها الرسول ، أى : أخذت شيئا من علمك ودينك فنبذته ، أى : طرحته .
وعلى هذا التفسير الذى ذهب إليه أبو مسلم يكون المراد بالرسول : موسى - عليه السلام - ويكون المراد بأثره : دينه وسنته وعلمه .
ويكون المعنى الإجمالى للآية : أن السامرى قال لموسى - عليه السلام - كنت قد أخذت جانبا من دينك وعلمك ، ثم تبين لى أنك على ضلال فنبذت ما أخذته عنك وسولت لى نفسى أن أصنع للناس عجلا لكى يعبدوه لأن عبادته أراها هى الحق .
وقد رجح الإمام الرازى فى تفسيره ما ذهب إليه أبو مسلم فقال : واعلم أن هذا القول الذى قاله أبو مسلم ليس فيه إلا مخالفة للمفسرين ، ولكنه أقرب إلى التحقيق لوجوه .
1 - أن جبريل ليس مشهورا باسم الرسول ، ولم يجر له فيما تقدم ذكر حتى تجعل لام التعريف إشارة إليه .
2 - أنه لا بد فيه من الإضمار ، وهو قبضته من أثر حافر فرس الرسول ، والإضمار خلاف الأصل .
3 - أنه لا بد من التعسف فى بيان أن السامرى كيف اختص من بين جميع الناس برؤية جبريل ومعرفته ؟ ثم كيف عرف أن لتراب حافر فرسه هذا الأثر ؟ والذى ذكروه أن جبريل هو الذى رباه بعيد . . .
وقد رد الإمام الآلوسى على الإمام الفخر الرازى - رحمهما الله - فقال ما ملخصه :
1 - عهد فى القرآن الكريم إطلاق الرسول على جبريل ، كما فى قوله - تعالى - : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } وعدم جريان ذكره فيما تقدم لا يمنع أن يكون معهودا ، ويجوز أن يكون إطلاق الرسول عليه كان شائعا فى بنى إسرائيل .
2 - تقدير المضاف فى الكلام أكثر من أن يحصى ، وقد عهد ذلك فى كتاب الله غير مرة .
3 - رؤية السامرى دون غيره لجبريل ، كان ابتلاء من الله - تعالى - ليقضى الله أمرا كان مفعولا ، ومعرفته تأثير ذلك الأثر دون غيره كانت بسبب ما ألقى فى روعه من أنه لا يلقيه على شىء فيقول له كن كذا إلا كان - كما فى خبر ابن عباس - أو كانت لما شاهد من خروج النبات بالوطء - كما فى بعض الآثار - .
ويبدو لنا أن ما ذهب إليه أبو مسلم ، أقرب إلى ما يفيده ظاهر القرآن الكريم ، إذا ما استبعدنا تلك الروايات التى ذكرها المفسرون فى شأن السامرى وفى شأن رؤيته لجبريل .
ولا نرى حرجا فى استبعادها ، لأنها عارية عن السند الصحيح إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أو إلى أصحابه ، ويغلب على ظننا أنها من الإسرائيليات التى نرد العلم فيها إلى الله - تعالى - .
( قال : بصرت بما لم يبصروا به ، فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها . وكذلك سولت لي نفسي ) . .
وتتكاثر الروايات حول قول السامري هذا . فما هو الذي بصر به ? ومن هو الرسول الذي قبض قبضة من أثره فنبذها ? وما علاقة هذا بعجل الذهب الذي صنعه ? وما أثر هذه القبضة فيه ?
والذي يتردد كثيرا في هذه الروايات أنه رأى جبريل - عليه السلام - وهو في صورته التي ينزل بها إلى الأرض ؛ فقبض قبضة من تحت قدمه ، أو من تحت حافر فرسه ، فألقاها على عجل الذهب ، فكان له هذا الخوار . أو إنها هي التي أحالت كوم الذهب عجلا له خوار .
والقرآن لا يقرر هنا حقيقة ما حدث ، إنما هو يحكي قول السامري مجرد حكاية . . ونحن نميل إلى اعتبار هذا عذرا من السامري وتملصا من تبعة ما حدث . وأنه هو صنع العجل من الذهب الذي قذفه بنو إسرائيل من زينة المصريين التي أخذوها معهم ، وأنه صنعه بطريقة تجعل الريح تصوت في فراغه فتحدث صوتا كالخوار . ثم قال حكاية أثر الرسول يبرر بها موقفه ، ويرجع الأمر إلى فطنته إلى أثر الرسول !
وقوله : " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " يقول : قال السامريّ : علمت ما لم يعلموه ، وهو فعلت من البصيرة : أي صرت بما عملت بصيرا عالما . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : لما قتل فرعون الولدان قالت أمّ السامريّ : لو نحيته عني حتى لا أراه ، ولا أدري قتله ، فجعلته في غار ، فأتى جبرئيل ، فجعل كفّ نفسه في فيه ، فجعل يُرضعه العسل واللبن ، فلم يزل يختلف إليه حتى عرفه ، فمن ثم معرفته إياه حين قال : " فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرّسُولِ " .
وقال آخرون : هي بمعنى : أبصرت ما لم يبصروه . وقالوا : يقال : بصرت بالشيء وأبصرته ، كما يقال : أسرعت وسرعت ما شئت . ذكر من قال : هو بمعنى أبصرت :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة قال " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " يعني فرس جبرئيل عليه السلام .
وقوله : " فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرّسُولِ " يقول : قبضت قبضة من أثر حافر فرس جبرئيل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لما قذفت بنو إسرائيل ما كان معهم من زينة آل فرعون في النار ، وتكسرت ، ورأى السامريّ أثر فرس جبرئيل عليه السلام ، فأخذ ترابا من أثر حافره ، ثم أقبل إلى النار فقذفه فيها ، وقال : كن عجلاً جسدا له خوار ، فكان للبلاء والفتنة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : قبض قبضة منه من أثر جبرئيل ، فألقى القبضة على حليهم فصار عجلاً جسدا له خوار ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : " فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَر الرّسُولِ فَنَبَذْتُها " قال : من تحت حافر فرس جبرئيل ، نبذه السامريّ على حلية بني إسرائيل ، فانسبك عجلاً جسدا له خوار ، حفيف الريح فيه فهو خواره ، والعجل : ولد البقرة .
واختلف القرّاء في قراءة هذين الحرفين ، فقرأته عامّة قرّاء المدينة والبصرة " بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " بالياء ، بمعنى : قال السامريّ : بصرت بما لم يبصر به بنو إسرائيل . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا بهِ » بالتاء على وجه المخاطبة لموسى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، بمعنى : قال السامريّ لموسى : بصرت بما لم تبصر به أنت وأصحابك .
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء مع صحة معنى كل واحدة منهما ، وذلك أنه جائز أن يكون السامريّ رأى جبرئيل ، فكان عنده ما كان بأن حدثته نفسه بذلك أو بغير ذلك من الأسباب ، أن تراب حافر فرسه الذي كان عليه يصلح لما حدث عنه حين نبذه في جوف العجل ، ولم يكن علم ذلك عند موسى ، ولا عند أصحابه من بني إسرائيل ، فلذلك قال لموسى : «بَصُرْتُ بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا بهِ » أي علمت بما لم تعلموا به . وأما إذا قرىء " بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ " بالياء ، فلا مؤنة فيه ، لأنه معلوم أن بني إسرائيل لم يعلموا ما الذي يصلح له ذلك التراب .
وأما قوله : " فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أثَرِ الرّسُولِ " فإن قرّاء الأمصار على قراءته بالضاد ، بمعنى : فأخذت بكفي ترابا من تراب أثر فرس الرسول . وروي عن الحسن البصري وقتادة ما :
حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا هشيم ، عن عباد بن عوف ، عن الحسن أنه قرأها : «فَقَبَصْتُ قَبْصَةً » بالصاد .
وحدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا هشيم ، عن عباد ، عن قَتادة مثل ذكر بالصاد . بمعنى : أخذت بأصابعي من تراب أثر فرس الرسول ، والقبضة عند العرب : الأخذ بالكفّ كلها ، والقبصة : الأخذ بأطراف الأصابع .
وقوله : " فَنَبَذْتُها " يقول : فألقيتها " وكَذَلَكَ سَوّلَتْ لي نَفْسِي " يقول : وكما فعلت من إلقائي القبضة التي قبضت من أثر الفرس على الحلية التي أوقد عليها حتى انسبكت فصارت عجلاً جسدا له خوار . " سَوّلَتْ لِي نَفْسِي " يقول : زينت لي نفسي أنه يكون ذلك كذلك ، كما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : " وكَذَلِكَ سَوّلَتْ لِي نَفْسِي " قال : كذلك حدثتني نفسي .
قوله { بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِه } إلى قوله { فَنَبَذْتُهَا } إن حُملت كلمات ( بَصُرت بما لم يبصروا به . وقبضت قبضة ، وأثر ، ونبذتها ) على حقائق مدلولاتها كما ذهب إليه جمهور المفسرين كان المعنى أبصرت ما لم يُبصروه ، أي نظرت ما لم ينظروه ، بناء على أن بَصُرت ، وأبصرت كلاهما من أفعال النظر بالعين ، إلا أن بصُر بالشيء حقيقته صار بصيراً به أو بصيراً بسببه ، أي شديد الإبصار ، فهو أقوى من أبصرت ، لأنّه صيغ من فَعُل بضم العين الذي تشتق منه الصفات المشبهة الدالة على كون الوصف سجية ، قال تعالى : { فبصرت به عن جنب } في سورة القصص ( 11 ) .
ولما كان المعنى هنا جليّاً عن أمر مرئيّ تعيّن حمل اللفظ على المجاز باستعارة بصُر الدال على قوّة الإبصار إلى معنى العِلم القويّ بعلاقة الإطلاق عن التقييد ، كما في قوله تعالى : { فبصرك اليوم حديد } [ ق : 22 ] ، وكما سميت المعرفة الراسخة بَصيرة في قوله { أدعوا إلى الله على بصيرة } [ يوسف : 108 ] . وحكى في « لسان العرب » عن اللحياني : إنه لبصير بالأشياء ، أي عالم بها ، وبصرت بالشيء : علمته . وجعل منه قوله تعالى : { بصرت بما لم يبصروا به } ، وكذلك فسرها الأخفش في نقل « لسان العرب » وأثبته الزجاج . فالمعنى : علمتُ ما لم يعلموه وفطنت لما لم يفطنوا له ، كما جعله في « الكشاف » أول وجهين في معنى الآية . ولذلك طريقتان : إما جعل بصُرت مجازاً ، وإما جعله حقيقة .
وقرأ الجمهور { يبصروا } بتحتية على أنه رافع لضمير الغائب . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلف بفوقية على أنه خطاب لموسى ومن معه .
والقَبضة : بفتح القاف الواحدة : من القَبض ، وهو غلق الراحة على شيء ، فالقبضة مصدر بمعنى المفعول ، وضد القبض : البسط .
والأثر : حقيقته : ما يتركه الماشي من صورة قَدَمِه في الرمل أو التراب . وتقدم آنفاً عند قوله تعالى : { قال هم أولاء على أثري } [ طه : 84 ] .
وعلى حمل هذه الكلمات على حقائقها يتعين صرف الرسول عن المعنى المشهور ، فيتعين حمله على جبريل فإنه رسول من الله إلى الأنبياء . فقال جمهور المفسرين : المراد بالرسول جبريل ، ورووا قصة قالوا : إن السامري فتنهُ الله ، فأراه الله جبريل راكباً فرساً فوطىءَ حافر الفرس مكاناً فإذا هو مخضَرّ بالنبات . فعلم السامري أن أثر جبريل إذا ألقي في جماد صار حياً ، فأخذ قَبضة من ذلك التراب وصنَع عجلاً وألقى القبضة عليه فصار جسداً ، أي حياً ، له خوار كخوار العجل ، فعبر عن ذلك الإلقاء بالنبذ . وهذا الذي ذكروه لا يوجد في كتب الإسرائيليين ولا ورد به أثر من السنّة وإنما هي أقوال لبعض السلف ولعلها تسربت للناس من روايات القصاصين .
فإذا صُرفت هذه الكلمات الستُّ إلى معان مجازية كان { بصُرت } بمعنى علمتُ واهتديت ، أي اهتديت إلى علم ما لم يعلموه ، وهو علم صناعة التماثيل والصور الذي به صنع العجل ، وعلم الحِيل الذي أوجد به خُوار العجل ، وكانت القبضة بمعنى النصيب القليل ، وكان الأثر بمعنى التعليم ، أي الشريعة ، وكان نبذت } بمعنى أهملت ونقضت ، أي كنت ذا معرفة إجمالية من هدي الشريعة فانخلعت عنها بالكفر . وبذلك يصح أن يحمل لفظ الرسول على المعنى الشائع المتعارف وهو مَن أوحي إليه بشرع من الله وأُمر بتبليغه .
وكان المعنى : إني بعملي العجل للعبادة نقضت اتباع شريعة موسى . والمعنى : أنه اعترف أمام موسى بصنعِهِ العجل واعترف بأنه جَهِل فَضَلّ ، واعتذر بأن ذلك سوّلته له نفسه .
وعلى هذا المعنى فسر أبو مسلم الأصفهاني ورجحه الزمخشري بتقديمه في الذكر على تفسير الجمهور واختاره الفخر .
والتسويل : تزيين ما ليس بزين .
والتشبيه في قوله { وكذلك سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } تشبيه الشيء بنفسه ، كقوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً } [ البقرة : 143 ] ، أي كذلك التسويل سولت لي نفسي ، أي تسويلاً لا يقبل التعريفَ بأكثر من ذلك .