معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

قوله تعالى : { ولا يحزنك قولهم } ، يعني : قول المشركين تم الكلام هاهنا ثم ابتدأ ، فقال : { إن العزة لله } ، يعنى الغلبة والقدرة لله { جميعا } هو ناصرك ، وناصر دينك ، والمنتقم منهم . قال سعيد بن المسيب : إن العزة لله جميعا يعني : عن الله يعز من يشاء ، كما قال في آية أخرى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } [ المنافقون-8 ] ، وعزة الرسول والمؤمنين بالله فهي كلها لله .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

وبعد أن بين - سبحانه - ما عليه أولياؤه من سعادة دنيوية وأخروية ، أتبع ذلك بتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما لقيه من أعدائه من أذى فقال : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم } .

أى : ولا يحزنك يا محمد ما قاله أعداؤك في شأنك ، من أنك ساحر أو مجنون ، لأن قولهم هذا إنما هو من باب حسدهم لك ، وجحودهم لدعوتك .

والنهي عن الحزن - وهو أمر نفسي لا اختيار للإِنسان فيه - المراد به هنا النهي عن لوازمه ، كالإِكثار من محاولة تجديد شأن المصائب ، وتعظيم أمرها ، وبذلك تتجدد الآلام ، ويصعب نسيانها .

وفي هذه الجملة الكريمة تسلية له - صلى الله عليه وسلم - وتأنيس لقلبه ، وإرشاد له إلى ما سيقع له من أعدائه من شرور ، حتى لا يتأثر بها عند وقوعها .

وقوله : { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً هُوَ السميع العليم } تعليل للنهي على طريقة الاستئناف ، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - قد قال : وما لي لا أحزن وهم قد كذبوا دعوتي ؟ فكان الجواب : إن الغلبة كلها ، والقوة كلها لله وحده لا لغيره ، فهو - سبحانه - القدير على أن يغلبهم ويقهرهم ويعصمك منهم ، وهو { السميع } ، لأقوالهم الباطلة ، { العليم } بأفعالهم القبيحة ، وسيعاقبهم على ذلك يوم القيامة عقاباً أليماً .

ولا تعارض بين قوله - سبحانه - { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } وبين قوله في آية أخرى { وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } لأن كل عزة لغيره - سبحانه - فهي مستمدة من عزته ، وكل قوة من تأييده وعونه ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون ، إنما صاروا أعزاء بفضل ركونهم إلى عزة الله - تعالى - وإلى الاعتماد عليه ، وقد أظهرها - سبحانه - على أيديهم تكريماً لهم .

ولذا قال القرطبي - رحمه الله - قوله : { إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً } أى : القوة الكاملة ، والغلبة الشاملة ، والقدرة التامة لله وحده ، فهو ناصرك ومعينك ومانعك . و { جميعاً } نصب على الحال ، ولا يعارض هذا قوله :

{ وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } فإن كل عزة بالله فهي كلها لله ، قال - سبحانه - { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزة عَمَّا يَصِفُونَ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنّ الْعِزّةَ للّهِ جَمِيعاً هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا يحزنك يا محمد قول هؤلاء المشركين في ربهم ما يقولون ، وإشراكهم معه الأوثان والأصنام فإن العزّة لله جميعا ، يقول تعالى ذكره : فإن الله هو المنفرد بعزّة الدنيا والاَخرة لا شريك له فيها ، وهو المنتقم من هؤلاء المشركين القائلين فيه من القول الباطل ما يقولون ، فلا ينصرهم عند انتقامه منهم أحد ، لأنه لا يعازه شيء . وَهُوَ السّمِيعُ العَلِيمُ يقول : وهو ذو السمع لما يقولون من الفرية والكذب عليه ، وذو علم بما يضمرونه في أنفسهم ويعلنونه ، محصيّ ذلك عليهم كله ، وهو لهم بالمرصاد . وكسرت «إن » من قوله : إنّ العِزّةَ لِلّهِ جَمِيعا لأن ذلك خبر من الله مبتدأ ، ولم يعمل فيها القول ، لأن القول عني به قول المشركين وقوله : إنّ العِزّةَ لِلّهِ جَمِيعا لم يكن من قيل المشركين ، ولا هو خبر عنهم أنهم قالوه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

{ ولا يحزنك قولهم } إشراكهم وتكذيبهم وتهديدهم . وقرأ نافع { يحزنك } من أحزنه وكلاهما بمعنى . { إن العزة لله جميعا } استئناف بمعنى التعليل ويدل عليه القراءة بالفتح كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بهم لأن الغلبة لله جميعا لا يملك غيره شيئا منها فهو يقهرهم وينصرك عليهم . { هو السميع } لأقوالهم . { العليم } بعزماتهم فيكافئهم عليها .