تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَلَا يَحۡزُنكَ قَوۡلُهُمۡۘ إِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًاۚ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (65)

{ وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 65 أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ 66 }

المفردات :

العزة : الغلبة والقهر .

التفسير :

65 { وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا . . . } الآية .

كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية قومه ، وكان الحزن يشتد عليه بسبب تكذيبهم وإيذائهم له ، وكان القرآن يمسح آلامه ويدعوه إلى التسرية وانشراح الصدر .

قال تعالى : { فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بها الحديث أسفا } . ( الكهف : 6 ) .

قال تعالى : { قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } . ( الأنعام : 33 ) .

وفي هذه الآية يقول الله تعالى : { ولا يحزنك قولهم } .

لا يشتد حزنك من قولهم : إن محمدا ساحر أو كاهن أو شاعر أو كذاب ، أو ينقل أساطير الأولين . و النهي عن الحزن وهو أمر نفسي لا اختيار للإنسان فيه ، والمراد به هنا : النهي عن لوازمه كالإكثار من محاولة تجديد شأن المصائب ، وتعظيم أمرها ، وبذلك تتحدد الآلام ويصعب نسيانها .

{ إن العزة لله جميعا } .

إن القوة الكاملة ، والقدرة الكامنة ، والخلق الأمر بيد الله وحده ، لا راد لأمره ولا معقب لقضائه ؛ فالخلق جميعا في قبضته ، والملك كله في يده ، وهؤلاء المشركون لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ؛ فهم مخلوقون مربوبون خاضعون لقدرة الله .

قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } . ( آل عمران : 26 ) .

وعزة المؤمنين مستمدة من عزة الله ، فهم في طاعته و كنفه وهو يفيض عليهم من فضله ونعمه .

قال تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين . . . } . ( المنافقون : 8 ) ، فلا تعارض بين هذه الآية والآية التي معنا ؛ فإن العزة جميعا لله سبحانه ، كما قال عز شأنه : { أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا } . ( النساء : 139 ) .

وقال عز شأنه : { سبحان ربك رب العزة عما يصفون } . ( الصافات : 180 ) .

قال الشوكاني في تفسير هذه الآية :

{ إن العزة لله جميعا } .

أي : إن الغلبة والقهر له في مملكته وسلطانه ، فكيف يقدرون عليك حتى تحزن لأقوالهم .

{ هو السميع العليم } .

فهو السميع لكل مسموع ، العليم بهم وبجميع من في الكون ؛ فينصرك عليهم ويحقق لك الغلبة ، وقد تحقق وعد الله لرسوله ؛ فتم له النصر والفتح ، وذلك من المبشرات التي عجلها الله لرسوله في الدنيا .