{ وهزي إليك بجذع النخلة } وأميليه إليك ، والباء مزيدة للتأكيد أو افعلي الهز والإمالة به ، أو { هزي } الثمرة بهزه والهز تحريك بجذب ودفع . { تساقط عليك } تتساقط فأدغمت التاء الثانية في السين وحذفها حمزة ، وقرأ يعقوب بالياء وحفص " تساقط " من ساقطت بمعنى أسقطت ، وقرئ " تتساقط " و " تسقط " و " يسقط " فالتاء للنخلة والياء للجذع . { رطبا جنيا } تمييز أو مفعول . روي أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر وكان الوقت شتاء ، فهزتها فجعل الله تعالى لها رأسا وخوصا ورطبا . وتسليتها بذلك لما فيه من المعجزات الدالة على براءة ساحتها فإن مثلها لا يتصور لمن يرتكب الفواحش ، والمنبهة لمن رآها على أن من قدر أن يثمر النخلة اليابسة في الشتاء قدر أن يحبلها من غير فحل ، وأنه ليس ببدع من شأنها مع ما فيه من الشراب والطعام ولذلك رتب عليه الأمرين فقال : { فكلي واشربي } .
ثم أمر بهز الجذع اليابس لترى آية أخرى في إحياء موات الجذع ، وقالت فرقة بل كانت النخلة مطعمة { رطباً } ، وقال السدي كان الجذع مقطوعاً وأجرى النهر تحتها لحينه ، والظاهر من الآية أن عيسى هو المكلم لها وأن الجذع كان يابساً وعلى هذا تكون آيات تسليها وتسكن إليها . والباء في قوله { بجذع } زائدة مؤكدة قال أبو علي : كما يقال ألقى بيده أي ألقى يده .
قال القاضي أبو محمد : وفي هذا المثال عندي نظر ، وأنشد الطبري : [ الطويل ]
بواد يمان ينبت السدر صدره . . . وأسفله بالمزج والشبهان{[7938]}
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمر وابن عامر والكسائي وابو بكر عن عاصم والجمهور من الناس «تَسّاقط » بفتح التاء وشد السين يريد { النخلة } ، وقرأ البراء بن عازب والأعمش «يساقط » بالياء يريد «الجذع » ، وقرأ حمزة وحده «تَسَاقط » بفتح التاء وتخفيف السين ، وهي قراءة مسروق وابن وثاب وطلحة وأبي عمرو بخلاف ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء على ما تقدم من إدارة { النخلة } أو «الجذع » . وقرأ عاصم في رواية حفص «تُسَاقط » بضم التاء وتخفيف السين ، وقرأت فرقة «يساقط » بالياء ، وقرأ أبو حيوة «يسقط » بالياء ، وروي عنه «يُسقط » بضم الياء وقرأ أيضاً «تسقط » وحكى أبو علي في الحجة أنه قرئ «يتساقط » بباء وتاء ، وروي عن مسروق «تُسقِط » بضم التاء وكسر القاف ، وكذلك عن أبي حيوة ، وقرأ أبو حيوة أيضاً «يسقُط » بفتح الياء وضم القاف ، «رطب جني » بالرفع ، ونصب { رطباً } يختلف بحسب معاني القراءات المذكورة ، فمرة يسند الفعل الى الجذع ومرة الى الهز ، ومرة الى { النخلة } و { جنياً } معناه قد طابت وصلحت للاجتناء ، وهو من جنيت الثمرة . وقرأ طلحة بن سليمان{[7939]} «جِنياً » بكسر الجيم ، وقال عمرو بن ميمون : ليس شيء للنفساء خيراً من التمر والرطب ، وقال محمد بن كعب : كان رطب عجوة ، وقد استدل بعض الناس من هذه الآية على أن الرزق وإن كان محتوماً فإن الله تعالى قد وكل ابن آدم الى سعي ما فيه لأنه أمرت مريم بهز الجذع لترى آية ، وكانت الآية تكون بأن لا تهز هي . وحكى الطبري عن ابن زيد أنه قال «قال لها عيسى : لا تحزني ، فقالت وكيف لا أحزن وأنت معي لا ذات زوج ولا مملوكة أي شيء عذري عند الناس { يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً } [ مريم : 23 ] ، فقال لها عيسى : أنا أكفيك الكلام »{[7940]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.