أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ} (14)

وكذا الذي في قوله { أرأيت إن كذب وتولى * ألم يعلم بأن الله يرى } والشرطية مفعوله الثاني ، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب الشرط الثاني الواقع موقع القسيم له ، والمعنى أخبرني عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه ، أو آمرا بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده ، أو إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الصواب كما تقول ، { ألم يعلم بأن الله يرى } ويطلع على أحواله من هداه وضلاله . وقيل : المعنى أرأيت الذي ينهى عبدا يصلي ، والمنهي على الهدى آمرا بالتقوى ، والناهي مكذب متول ، فما أعجب من ذا . وقيل : الخطاب في الثانية مع الكافر ، فإنه سبحانه وتعالى كالحاكم الذي حضره الخصمان : يخاطب هذا مرة ، والآخر أخرى ، وكأنه قال : يا كافر ، أخبرني إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله سبحانه وتعالى أمرا بالتقوى أتنهاه ؟ ولعله ذكر الأمر بالتقوى في التعجب والتوبيخ ، ولم يتعرض له في النهي ؛ لأن النهي كان عن الصلاة والأمر بالتقوى ، فاقتصر على ذكر الصلاة ؛ لأنه دعوة بالفعل ، أو لأن نهي العبد إذا صلى يحتمل أن يكون لها ولغيرها وعامة أحوالها محصورة في تكميل نفسه بالعبادة وغيره بالدعوة .