معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ} (14)

ثم قال : وَيْلَهُ ! ، { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } .

يعني : أبا جهل ، ثم قال : { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ [ 144/ا ] لَنَسْفَعاً بِالناصِيَةِ } .

ناصيته : مقدم رأسه ، أي : لَنَهْصرنها ، لنأخذن بها لَنُقْمِئَنَّه ولنذلّنه ، ويقال : لنأخذن بالناصية إلى النار ، كما قال جلّ وعز ، { فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأَقْدَامِ } ، فيُلقَون في النار ، ويقال : لتسوّدَنَّ وجهه ، فكفَتِ الناصية من الوجه ؛ لأنها في مقدّم الوجه .

وقوله عز وجل : { فَلْيَدْعُ نادِيَهُ } قومه .

والعرب تقول : النادي يشهدون عليك ، والمجلس ، يجعلون : الناديَ ، والمجلس ، والمشهد ، والشاهد القوم قوم الرجل ، قال الشاعر :

لهمْ مجلِسٌ صُهْبُ السِّبَالِ أذِلَّةٌ *** سواسيةٌ أحرارُها وعبيدُها

أي : هم سواء .

وقوله عز وجل : { لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ } .

على التكرير ، كما قال : «إلَى صِرَاطِ مُّسْتَقِيمٍ ، صِرَاطِ اللهِ » المعرفة تُرد على النكر بالتكرير ، والنكرة على المعرفة ، ومن نصب ( ناصيةً ) جعله فعلا للمعرفة وهي جائزة في القراءة .

وقوله عز وجل : { فَلْيَدْعُ نادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } .

فهم أقوى وهم يعملون بالأيدي والأرجل ، والناقة قد تزْبِن الحالب وتركضه برجلها .

وقال الكسائي : بأَخَرة واحد الزبانية زِبْنِيٌّ .

وكان قبل ذلك يقول : لم أسمع لها بواحد ، ولست أدري أقياسًا منه أو سماعاً . وفي قراءة عبد الله : «كَلاَّ لئِن لَّمْ يَنْتَهِ لأسْفَعاً بِالناصِيَةِ » ، وفيها : «فَلْيَدْعُ إليّ نادِيَه فَسَأَدْعُو الزَّبَانِيَة » .