التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ} (14)

6

تعليق على آية

{ ألم يعلم بأن الله يرى }

وبمناسبة ورود هذه الآية لأول مرة نقول : إن القرآن احتوى آيات كثيرة ، نسبت فيها الرؤية والسمع إلى الله تعالى ، وإنه دار جدل وتشاد بين علماء الكلام حول ذلك من حيث إنه إنما يحدث من أعضاء السمع والبصر ، وما إذا كان لله سبحانه مثل هذه الأعضاء أم لا . وخير المذاهب في هذا الموضوع وأمثاله هو مذهب الصدر الإسلامي الأول ، وهو عدم الخوض في الكيفيات ، وعدم التشاد والجدل حولها ، مع تنزيه الله سبحانه عن كل مماثلة لخلقه ، وملاحظة الضابط القرآني المحكم المنطوي في آية سورة الشورى ، وهو : { ليس كمثله شيء } ( 11 ) ، واعتبار أن المقصود بذلك وصف الله عز وجل بشمول العلم ، والإحاطة بكل شيء ، والقدرة على كل شيء ، والهيمنة الكاملة على الكون وما فيه من كائنات ، والتصرف المطلق فيه ، واتصافه بكل صفات الكمال . والمتدبر في نصف آية الشورى المذكورة والآية التالية لها يرى تأييد هذا قويا ، وهذا نص الآيتين : { فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( 11 ) له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم( 12 ) } .