التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ} (103)

قوله تعالى : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) . أشار في مواضع أخر : إلى أن نفي الإدراك المذكور ما لا يقتضي نفي مطلق الرؤية كقوله ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة ) ، وقوله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) و الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم ، وقوله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) يفهم منه أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه وهو كذلك .

قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن مسروق قال : قلت لعائشة رضي الله عنها : يا أمتاه ، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت : لقد قف شعري مما قلت ، أين أنت من ثلاثة من حدثكهن فقد كذب : من حدثك أن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) . ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ، ثم قرأت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) الآية . ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين " .

( الصحيح 8/472ح4855- ك التفسير ، ب ا من سورة النجم ) .

قال مسلم : حدثني زهير بن حرب ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ؛ قال : كنت متكئا عند عائشة . فقالت : يا أبا عائشة ! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية . قلت ما هن ؟ قالت : من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال و كنت متكئا فجلست . فقلت : يا أم المؤمنين ! أنظريني ولا تعجليني . ألم يقل الله عز وجل : ( ولقد رآه بالأفق المبين ) – التكوير/ الآية 23 ( ولقد رآه نزلة أخرى ) - النجم /الآية 13- فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إنما هو جبريل . لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين . رأيته منهبطا من السماء . سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض " فقالت أو لم تسمع أن الله يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) الأنعام –الآية103 ، أولم تسمع أن الله يقول : ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) الشورى-الآية 19 ، قالت : ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية . والله يقول : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) المائدة /الآية 67 ، قالت ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية . والله يقول : ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) النمل /الآية 59 .

انظر حديث مسلم المتقدم عند الآية ( 255 ) من سورة البقرة .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) وهو أعظم من أن تدركه الأبصار .

أخرج الطبري بسنده الجيد عن أبي العالية قوله ( اللطيف الخبير ) قال : ( اللطيف ) باستخراجها ( الخبير ) بمكانها .