بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّا تُدۡرِكُهُ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَهُوَ يُدۡرِكُ ٱلۡأَبۡصَٰرَۖ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلۡخَبِيرُ} (103)

ثم عظّم نفسه فقال : { لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار } قال مقاتل : يعني لا يراه الخلق في الدنيا . وروى الشعبي عن مسروق قال قلت لعائشة هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟ فقالت : لقد اقْشَعَرَّ قلبي مما قلت أين أنت من ثلاثة من حدثك بهن فقد كذّب : من حدثك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ثم قرأت { لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار } ومن حدثك أنه قد علم ما في غد فقد كذب ، ثم قرأت : { إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ } [ لقمان : 34 ] ومن حدثك أنه كتم شيئاً من الوحي فقد كذب . ثم قرأت { يَا أَيُّهَا الرسول بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الكافرين } [ المائدة : 67 ] .

ثم قال : { وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار } يعني : لا يخفى عليه شيء ولا يفوته . قال الزجاج : في هذه الآية دليل أن الخلق لا يدركون الأبصار أي لا يعرفون كيف حقيقة البصر ، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه فاعلم أنهم لا يحيطون بعلمه فكيف به .

ثم قال : { وَهُوَ اللطيف الخبير } بخلقه وبأعمالهم وقال أبو العالية لا تدركه الأبصار في الدنيا وتدركه أبصار المؤمنين في الآخرة .