نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا صَٰلِحٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡيِ يَوۡمِئِذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (66)

وأشار إلى تعقب العذاب للأيام وتسببه{[39612]} عن الوعيد المعين بقوله : { فلما جاء أمرنا } بالفاء بخلاف ما في قصة هود وشعيب عليهما السلام ، أي مع مضي الأيام كان أول ما فعالنا أن { نجينا } بما لنا من العظمة أولياءنا { صالحاً والذين آمنوا{[39613]} معه } من كيد قومهم ، وبين أن{[39614]} إحسانه سبحانه لا يكون إلا فضلاً منه بقوله : { برحمة منا } وذلك أنه عليه السلام قال لهم : تصبحون غداً يوم مؤنس{[39615]} - يعني الخميس - ووجوهكم مصفرة ، ثم تصبحون{[39616]} يوم عروبة - يعني الجمعة - ووجوهكم محمرة ، ثم تصبحون يوم شبار ووجوهكم مسودة ، ثم يصبحكم العذاب يوم أول - أي الأحد - فقال التسعة رهط الذين عقروا الناقة : هلم فلنقتل صالحاً ، فإن كان صادقاً عجلناه قبلنا{[39617]} ، وإن كان كاذباً قد كنا{[39618]} ألحقناه بناقته ، فأتوه ليلاً ليبيتوه في أهله فدمغتهم الملائكة بالحجارة ، فلما أبطأوا على أصحابهم أتوا منزل صالح فوجدوهم قد رضخوا بالحجارة فقالوا لصالح : أنت قتلتهم ! ثم هموا به فقامت عشيرته{[39619]} دونهم ولبسوا السلاح وقالوا لهم{[39620]} : والله لا تقتلونه{[39621]} أبداً فقد وعدكم أن العذاب يكون بكم بعد ثلاث ، فإن كان صادقاً لم تزيدوا{[39622]} ربكم عليكم إلا غضباً ، وإن كان كاذباً فأنتم وراء ما تريدون ، فانصرفوا فلما أصبحت وجوههم مصفرة عرفوا أنه قد صدقهم ، فطلبوه ليقتلوه فجاء إلى بطن منهم يقال له ( بنو غنم ) فنزل على سيدهم رجل{[39623]} فغيبه عنده{[39624]} ، فعدوا على أصحاب صالح يعذبونهم ليدلوهم عليه فقالوا : يا نبي الله ! إنهم يعذبوننا لندلهم عليك ، أفندلهم ؟ قال : نعم ، فدلوهم عليه فأتوه فقال الغنمى {[39625]} : نعم{[39626]} عندي ولا سبيل إليه ، فتركوه وشغلهم عنه ما أنزل الله بهم كذا{[39627]} {[39628]}ذكر ذلك{[39629]} البغوي عن ابن إسحاق ووهب وغيرهما مطولاً .

ولما ذكر نجاتهم من كل هلكة ، ذكر نجاتهم من خصوص ما عذب به قومهم{[39630]} فقال : { ومن } أي ونجيناهم من { خزي } أي ذل{[39631]} وفضيحة { يومئذ } أي يوم إذ جاء أمرنا بإهلاكهم بالصيحة وحل بهم دونهم فرقاً بين{[39632]} أوليائنا{[39633]} و{[39634]} أعدائنا ، وحذف " نجينا " هنا يدل على أن عذابهم دون عذاب عاد{[39635]} ؛ ثم عقب ذلك بتعليله إهلاكاً وإنجاء باختصاصه بصفات القهر والغلبة والانتقام فقال : { إن ربك } أي المحسن إليك كما أحسن إلى الأنبياء من{[39636]} قبلك { هو } أي وحده { القوي } فهو يغلب كل شيء { العزيز* } أي القادر على منع غيره من غير أن يقدر أحد عليه أو على الامتناع منه ، من عز الشيء أي امتنع ، ومنه العزاز - للأرض الصلبة الممتنعة بذلك عن التصرف فيها ؛ والخزي : العيب الذي تظهر فضيحته{[39637]} ويستحي من مثله ؛


[39612]:من ظ ومد، وفي الأصل: تسبيبه.
[39613]:سقط من ظ.
[39614]:ليس في مد.
[39615]:من ظ ومد ومعالم التنزيل ـ راجع لباب التأويل 2/211، وفي الأصل: موس.
[39616]:في ظ: يصبحون.
[39617]:من المعالم، وفي الأصول الثلاثة: قبلها.
[39618]:زيد من ظ ومد والمعالم.
[39619]:من ظ ومد والمعالم، وفي الأصل: غيرته.
[39620]:سقط من ظ.
[39621]:في ظ: لا تقتلوه.
[39622]:من ظ ومد والمعالم، وفي الأصل: لم يزيدوا.
[39623]:زيد من المعالم.
[39624]:في المعالم: عنهم.
[39625]:من ظ ومد، وفي الأصل: الغنم، وفي المعالم: أبا هدب.
[39626]:سقط من ظ.
[39627]:زيد من ظ.
[39628]:في ظ: ذكره.
[39629]:في ظ: ذكره.
[39630]:في ظ: قومه.
[39631]:في ظ: ذلة.
[39632]:زيد من ظ ومد.
[39633]:من ظ ومد، وفي الأصل: أوليا ـ كذا.
[39634]:زيد من ظ ومد.
[39635]:زيد من ظ ومد.
[39636]:سقط من ظ.
[39637]:في ظ: نصيحته.