الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا صَٰلِحٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡيِ يَوۡمِئِذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ} (66)

قوله تعالى : { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ } : متعلقٌ بمحذوفٍ ، أي : ونَجَّيْناهم مِنْ/ خزي . وقال الزمخشري : " فإن قلت : علام عُطِف ؟ قلت : على " نَجَّيْنا " لأنَّ تقديرَه : ونجَّيْناهم من خزيِ يومئذ كما قال : { وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ هود : 58 ] ، أي : وكانت التنجيةُ مِنْ خزي : وقال غيره : " إنه متعلقٌ ب " نَجَّيْنا " الأول " . وهذا لا يجوزُ عند البصريين غيرَ الأخفش ، لأن زيادةَ الواوِ غيرُ ثابتة .

وقرأ نافع والكسائي بفتح ميم " يومئذ " على أنها حركةُ بناء لإِضافته إلى غير متمكن كقوله :

2673 على حينَ عاتَبْتُ المشيبَ على الصِّبا *** فقلت ألمَّا أَصْحُ والشيبُ وازع

وقرأ الباقون بخفض الميم . وكذلك الخلافُ جارٍ في { سَأَلَ سَآئِلٌ } [ المعارج : 1 ] . وقرأ طلحة وأبان بن تغلب بتنوين " خزي " و " يومئذ " نصب على الظرف بالخزي .

وقرأ الكوفيون ونافع في النمل { مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ } بالفتح أيضاً ، والكوفيون وحدهم بتنوين " فزع " ونصب " يومئذ " به .

ويحتمل في قراءة مَنْ نوَّن ما قبل " يومئذ " أن تكون الفتحةُ فتحةَ إعرابٍ أو فتحةَ بناء ، و " إذ " مضافةٌ لجملة محذوفة عُوِّض منها التنوينُ تقديرُه : إذْ جاء أمرُنا . وقال الزمخشري : " ويجوز أن يُراد يومُ القيامة ، كما فُسِّر العذاب الغليظ بعذاب الآخرة " . قال الشيخ : " وهذا ليس بجيدٍ ؛ لأنه لم يتقدَّم ذِكْرُ يومِ القيامة ، ولا ما يكون فيها ، فيكون هذا التنوين عوضاً من الجملةِ التي تكون في يوم القيامة " . قلت : قد تكون الدلالةُ لفظيةً ، وقد تكون معنويةً وهذه من المعنوية .