ولما قدم الفاتن والمفتون ، أتبع ذلك ذكر حكمهما على القراءتين فقال تعالى : بحرف التراخي إشارة إلى تقاصر رتبتهما عن رتبة من لم يفعل ذلك : { ثم إن ربك } ، أي : المحسن إليك بالعفو عن أمتك ، وتخفيف الآصار عنهم في قبول توبة من ارتد بلسانه أو قلبه ، { للذين هاجروا } ، أهل الكفر بالنزوح من بلادهم توبة إلى الله تعالى مما كانوا فيه .
ولما كان سبحانه يقبل اليسير من العمل في أي وقت كان ، أشار إلى ذلك بالجار فقال تعالى مبيناً أن الفتنة بالأذى - وإن كان بالغاً - غير قادحة في الهجرة وما تبعها ، فيفيد ذلك في الهجرة بدونها من باب الأولى { من بعد ما فتنوا } بالبناء للمجهول - على قراءة الجماعة ، لأن المضر هو الفتنة مطلقاً ، وللفاعل على قراءة ابن عامر ، أي ظلموا بأن فتنوا من آمن بالله حين كانوا كفاراً ، أو أعطوا الفتنة من أنفسهم ففتنوها بأن أطاعوا في كلمة الكفر ، أو في الرجوع مع من ردهم إلى بلاد الكفر بعد الهجرة من بعد إيمانهم ، { ثم جاهدوا } ، أي : أوقعوا جهاد الكفار مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم توبة إلى الله تعالى ، { وصبروا } على ذلك إلى أن ماتوا عليه ، { إن ربك } ، أي : المحسن إليك بتسخير من هذه صفاتهم لك .
ولما كان له سبحانه أن يغفر الذنوب كلها ما عدا الشرك ، وأن يعذب عليها كلها وعلى بعضها ، وأن يقبل الصالح كله ، وأن يرد بعضه ، أشار إلى ذلك بالجار فقال تعالى : { من بعدها } ، أي : هذه الأفعال الصالحة الواقعة بعد تلك الفاسدة : وهي الفتنة . { لغفور } ، أي : بليغ المحو للذنوب ، { رحيم * } ، أي : بليغ الإكرام ، فهو يغفر لهم ويرحمهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.