قوله تعالى : { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ } : في خبر " إنَّ " هذه ثلاثةُ أوجهٍ ، إنه قولُه : { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، و { إِنَّ رَبَّكَ } ، الثانيةُ واسمُها تأكيدٌ للأولى واسمِها ، فكأنه قيل : ثم إنَّ ربَّك إنَّ ربَّك لغفورٌ رحيم ، وحينئذٍ يجوز في قولِه : " للذين " ، وجهان : أن يتعلَّقَ بالخبرين على سبيل التنازعِ ، أو بمحذوفٍ على سبيلِ البيان كأنه قيل : الغُفرانُ والرحمةُ للذين هاجرُوا . الثاني : أن الخبرَ هو نفسُ الجارِّ بعدها كما تقول : إنَّ زيداً لك ، أي : هُوَ لك لا عليك ، بمعنى هو ناصرُهم لا خاذِلُهم ، قال معناه الزمخشريُّ [ ثم قال " كما يكون المَلِكُ للرجل لا عليه ، فيكون مَحْمِيَّاً مَنْفُوْعاً ] .
الثالث : أن خبرَ الأولى مستغنى عنه بخبر الثانية ، / يعني : أنه محذوفٌ لفظاً لدلالةِ ما بعده عليه ، وهذا معنى قولِ أبي البقاء : " وقيل : لا خبرَ ل " إنَّ " الأولى في اللفظ ؛ لأنَّ خبرَ الثانيةِ أغنى عنه " وحينئذٍ لا يَحْسُنُ رَدُّ الشيخِ عليه بقوله : " وهذا ليس بجيدٍ أنه أَلْغَى حكمَ الأولى ، وجَعَلَ الحكمَ للثانيةِ ، وهو عكسُ ما تقدَّمَ ولا يجوز " .
قولِه : { مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ } ، قرأ ابنُ عامر " فَتَنوا " مبنياً للفاعل ، أي : فَتَنُوا أَنْفُسَهم ، فإن عاد الضميرُ على المؤمنين فالمعنى : فَتَنُوا أنفسَهم بما أَعْطَوا المشركين من القولِ ظاهراً ، أو أنهم لَمَّا صبروا على عذابِ المشركين فكأنهم فَتَنُوا أنفسَهم ، وإنْ عاد على المشركين فهو واضحٌ ، أي : فتنُوا المؤمنين .
والباقون : " فُتِنُوا " مبنياً للمفعول . والضميرُ في : " بعدها " للمصادرِ المفهومةِ من الأفعالِ المتقدمةِ ، أي : مِنْ بعد الفتنةِ والهجرةِ والجهادِ والصبرِ . وقال ابن عطية : " عائدٌ على الفتنةِ أو الفَعْلة أو الهجرة أو التوبة " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.