وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أناس من أهل مكة آمنوا ، فكتب إليهم بعض الصحابة بالمدينة : أن هاجروا فإنا لا نرى أنكم منا حتى تهاجروا إلينا ، فخرجوا يريدون المدينة ، فأدركتهم قريش في الطريق ففتنوهم ، فكفروا مكرهين ، ففيهم نزلت هذه الآية .
وأخرج ابن سعد عن عمر بن الحكم قال : كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكان صهيب يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول ، وبلال وعامر وابن فهيرة وقوم من المسلمين ، وفيهم نزلت هذه الآية : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي ، عن ابن عباس في قوله : { من كفر بالله } الآية ، قال : أخبر الله سبحانه أن : { من كفر بالله من بعد إيمانه } ، فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم ، فأما من أكره ، فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه ، فلا حرج عليه ؛ لأن الله سبحانه إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا في سورة النحل : { من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } ، ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم } ، وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار ، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم فتح مكة ، فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم .
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : { إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا . . . } الآية ، قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا ، كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم ، فأنزل الله : { ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } [ العنكبوت : 1-2 ] ، فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة ، فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا ، فإن لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله ، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قتل ومنهم من نجا . فأنزل الله : { ثم إن ربك للذين هاجروا . . . } الآية .
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي نحوه .
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } .
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام ، فنزلت فيهم : { ثم إن ربك للذين هاجروا . . . } الآية ، فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجاً فاخرجوا . فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل .
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه ، «أن عيوناً لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما ، فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله ؟ فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أَصَمّ . فأمر به فقتل . وقال للآخر : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم . قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم . فأرسله . . . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : " أما صاحبك فمضى على إيمانه ، وأما أنت فأخِذْتَ الرخصة " .
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } ، قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة ، أحد بني مخزوم ، وكان أخا أبي جهل لأمه ، وكان يضربه سوطاً وراحلته سوطاً .
وأخرج ابن جرير عن أبي إسحق في قوله : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } ، قال : نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر ، وعياش بن أبي ربيعة ، والوليد بن أبي ربيعة ، والوليد بن الوليد رضي الله عنهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.