نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ} (77)

ولما بين سبحانه استكبار فرعون المدعى في قوله { فكذب وأبى } وختمه سبحانه بأنه يهلك العاصي كائناً من{[49577]} كان ، وينجي الطائع ، أتبع ذلك{[49578]} شاهداً محسوساً عليه{[49579]} كفيلاً ببيان أنه لم يغن عن فرعون شيء من قوته ولا استكباره ، فقال عاطفاً على " ولقد أريناه آياتنا " : { ولقد أوحينا } {[49580]}أي بعظمتنا لتسهيل ما يأتي من الأمور الكبار{[49581]} { إلى موسى } غير مكترثين{[49582]} لشيء من أقوال فرعون ولا أفعاله ، {[49583]}وهذا الإيحاء بعد ما تقدم من أمر السحرة بمدة مديدة جرت فيها خطوب طوال كانت بسببها الآيات الكبار ، وكأنها حذفت لما تدل عليه من قساوة القلوب ، والمراد هنا الانتهاء لما تقدم من مقصود السورة{[49584]} { أن أسر } {[49585]}أي ليلاً ، لأن السري سير الليل ؛ وشرفهم بالإضافة إليه فقال{[49586]} : { بعبادي } أي بني إسرائيل{[49587]} الذين{[49588]} لفت قلب فرعون حتى أذن في مسيرهم بعد أن كان قد{[49589]} أبى{[49590]} أن يطلقهم أو يكف عنهم العذاب ، فاقصد بهم ناحية بحر القلزم { فاضرب لهم } أي{[49591]} اعمل بضرب البحر بعصاك ، ولذلك سماه ضرباً .

ولما كان ضرب البحر بالعصا سبباً لوجود الطريق الموصوفة ، أوقع الفعل عليها فقال : { طريقاً في البحر }{[49592]} ووصفها بالمصدر مبالغة{[49593]} فقال : { يبساً } حال كونها أو كونك{[49594]} { لا تخاف } والمراد بها الجنس ، فإنه كان لكل سبط طريقاً { دركاً } أي {[49595]}أن يدركك شيء{[49596]} من طغيان البحر أو{[49597]} بأس العدو أو غير ذلك{[49598]} .

ولما كان الدرك مشتركاً بين اللحاق والتبعة ، أتبعه بقوله : { ولا تخشى* } أي شيئاً غير ذلك أصلاً إنفاذاً{[49599]} لأمري وإنقاذاً لمن أرسلتك لاستنقاذهم ، وسوقه على هذا الوجه من {[49600]}إظهار القدرة والاستهانة بالمعاند مع كبريائه ومكنته استدلالاً شهودياً على ما قرر أول السورة من شمول القدرة وإحاطة العلم للبشارة بإظهار هذا الدين بكثرة الأتباع وإبارة{[49601]} الخصوم والإسعاد برد{[49602]} الأضداد وجعل بغضهم وداً ، وإن كانوا قوماً لداً ؛


[49577]:من مد وفي الأصل وظ: إذا. .
[49578]:من ظ ومد: وفي الأصل: بمن.
[49579]:بين سطري ظ: الختم بالإهلاك والإنجاء.
[49580]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49581]:سقط ما بين الرقمين من ظ
[49582]:بهامش ظ: الاكتراث: الاهتمام.
[49583]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49584]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49585]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49586]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49587]:زيد في الأصل: إلى ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[49588]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49589]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49590]:زيد في ظ: فرعون.
[49591]:من مد، وفي الأصل: ولما إن والعبارة من هنا بما فيها هذه الكلمة ساقطة في ظ إلى "ضربا"
[49592]:العبارة من هنا إلى "فقال" ساقطة من ظ.
[49593]:زيد من مد.
[49594]:بهامش ظ: قوله "حال كونها أو كونك" أي لا تخاف إما أن تجعلها حالا من المفعول أعني طريقا أو من الفاعل وهو الضمير في اضرب – فافهم.
[49595]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49596]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[49597]:في ظ: ولا.
[49598]:زيد من مد.
[49599]:من ظ ومد، وفي الأصل: إيقافا.
[49600]:بين سطري ظ: بيان هذا الوجه.
[49601]:من ظ ومد وفي الأصل: ثارة.
[49602]:من ظ ومد، وفي الأصل: "و".