{ وما آتيتم } أي جئتم أي فعلتم -{[53174]} في قراءة ابن كثير بالقصر{[53175]} ليعم المعطي والآخذ والمتسبب ، أو{[53176]} أعطيتم - في قراءة غيره بالمد { من ربا } أي مال على وجه الربا المحرم أو{[53177]} المكروه ، وهو أن يعطي عطية ليأخذ في ثوابها أكثر منها ، وكان هذا مما حرم على النبي صلى الله عليه وسلم تشريفاً له ، وكره لعامة الناس . وعلى قراءة ابن كثير بالقصر المعنى : وما جئتم به من إعطاء بقصد الربا { ليربوا } أي يزيد ويكثر ذلك الذي أعطيتموه أو فعلتموه ، أو لتزيدوا أنتم ذلك - على قراءة المدنيين{[53178]} ويعقوب بالفوقانية المضمومة ، من : أربى { في أموال الناس } أي تحصل فيه زيادة تكون أموال الناس ظرفاً لها ، فهو كناية عن{[53179]} أن الزيادة التي يأخذها المربي من أموالهم لا يملكها أصلاً { فلا يربوا } أي يزكوا وينمو { عند الله } أي الملك الأعلى الذي له الغنى المطلق وكل صفات الكمال ، وكل ما لا يربو عند الله فهو غير مبارك بل ممحوق لا وجود له ، {[53180]}فإنه إلى فناء وإن كثر{[53181]}{ يمحق الله الربا ويربي الصدقات }[ البقرة : 276 ] .
ولما ذكر ما زيادته نقص ، أتبعه ما نقصه زيادة فقال : { وما آتيتم } أي أعطيتم للإجماع على مده{[53182]} لئلا يوهم الترغيب في أخذ الزكاة { من زكاة } أي صدقة ، وعبر عنها بذلك ليفيد الطهارة والزيادة ، أي تطهرون بها أموالكم من الشبه ، وأبدانكم من مواد{[53183]} الخبث ، وأخلاقكم من الغل والدنس . ولما كان الإخلاص عزيزاً ، أشار إلى عظمته بتكريره فقال : { تريدون } {[53184]}أي بها{[53185]} { وجه الله } خالصاً مستحضرين لجلاله وعظمته وكماله ، وعبر عن الذات بالوجه لأنه الذي يجل صاحبه ويستحي منه عند رؤيته وهو أشرف ما في الذات .
ولما كان الأصل : فأنتم ، عدل به إلى صيغة تدل على تعظيمه بالالتفات إلى خطاب من بحضرته{[53186]} من أهل قربه وملائكته ، لأن العامل يجب أن يكون له بعمله لسان صدق{[53187]} في الخلائق فكيف إذا كان من الخالق ، وبالإشارة إليه بأداة البعد إعلاماً بعلو رتبته ، وأن المخاطب بالإيتاء كثير ، والعامل قليل وجليل ، فقال : { فأولئك } ولعل إفراد المخاطب هنا للترغيب في الإيتاء بأنه{[53188]} لا يفهم ما لأهله حق فهمه سوى المنزل عليه هذا{[53189]} الوحي صلى الله عليه وسلم { هم } أي خاصة { المضعفون* } أي الذين ضاعفوا أموالهم في الدنيا بسبب ذلك الحفظ والبركة ، وفي الآخرة بكثرة الثواب عند الله من عشرة أمثال{[53190]} إلى ما لا حصر له كما يقال : مقو وموسر ومسمن ومعطش - لمن له قوة ويسار وسمن في إبله وعطش ونحو ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.