نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ} (38)

ولما أفهم ذلك عدم الاكتراث {[53152]}بالدنيا لأن الاكتراث{[53153]} بها لا يزيدها ، والتهاون بها لا ينقصها ، فصار ذلك لا يفيد إلا تعجيل النكد بالكد والنصب ، وكان مما تقدم أن السيئة من أسباب المحق ، سبب عنه الإقبال على إنفاقها{[53154]} في حقوقها إعراضاً عنها وإيذاناً بإهانتها وإيقاناً بأن ذلك هو استبقاؤها واستثمارها واستنماؤها ، فقال خاصاً بالخطاب{[53155]} أعظم المتأهلين لتنفيذ{[53156]} أوامره لأن ذلك أوقع في نفوس الأتباع ، وأجدر بحسن القبول منهم والسماع : { فآت } يا خير الخلق ! { ذا القربى حقه } بادئاً به لأنه أحق الناس بالبر ، صلة{[53157]} للرحم وجوداً وكرماً { والمسكين } سواء كان ذا القربى أو لا { وابن السبيل } وهو المسافر كذلك ، والحق الذي ذكر لهما{[53158]} الظاهر أنه يراد به النفل لا الواجب ، لعدم ذكر بقية الأصناف ، ودخل الفقير{[53159]} من باب الأولى .

ولما أمر بالإيتاء{[53160]} ، رغب فيه فقال : { ذلك } أي الإيتاء العالي الرتبة { خير } ولما كان سبحانه أغنى الأغنياء فهو لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه لا رياء فيه{[53161]} ، قال معرفاً أن ذلك ليس قاصراً على من خص بالخطاب بل{[53162]} كل من تأسى به نالته بركته { للذين يريدون } بصيغة الجمع ، ولما كان الخروج عن المال في غاية الصعوبة{[53163]} ، رغب فيه بذكر الوجه الذي هو{[53164]} أشرف ما في الشيء المعبر به هنا عن الذات وبتكرير{[53165]} الاسم الأعظم المألوف لجميع الخلق فقال{[53166]} : { وجه الله } أي عظمة الملك الأعلى ، فيعرفون من حقه ما يتلاشى عندهم على كل{[53167]} ما سواه فيخلصون له { وأولئك } العالو الرتبة لغناهم عن كل فان { هم } خاصة { المفلحون* } أي{[53168]} الذين لا يشوف فلاحهم شيء من الخيبة ، وأما غيرهم فخائب ، أما{[53169]} إذا لم ينفق فواضح ، وأما من أنفق على وجه الرياء بالسمعة والرياء فإنه{[53170]} خسر ماله ، وأبقى عليه وباله ، وأما من أنفق على وجه الرياء الحقيقي فقد صرح به تعريفاً بعظيم فحشه صارفاً الخطاب{[53171]} عن المقام الشريف الذي كان مقبلاً عليه ، تعريفاً بتنزه{[53172]} جنابه عنه ، و{[53173]} بعد تلك الهمة العلية والسجايا الطاهرة النقية منه ، إلى جهة من يمكن ذلك منهم فقال :


[53152]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53153]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53154]:في ظ: إنفاقهما.
[53155]:زيد في ظ: من.
[53156]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لتقيد.
[53157]:زيد من ظ وم ومد.
[53158]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ وم ومد فحذفناها.
[53159]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الفقر.
[53160]:من م ومد، وفي الأصل وظ: بالإيثار.
[53161]:سقط من ظ.
[53162]:في ظ: من.
[53163]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الضعف.
[53164]:زيد من ظ وم ومد.
[53165]:زيد من ظ وم ومد.
[53166]:زيد من ظ وم ومد.
[53167]:زيد من ظ وم ومد.
[53168]:زيد من ظ.
[53169]:سقط من ظ.
[53170]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: وإنه.
[53171]:من م ومد، وفي الأصل وظ: لخطاب.
[53172]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: بتنزيه.
[53173]:سقط من ظ.