نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

ولما تقرر دليل البعث بما لا خفاء فيه ولا لبس ، شرع يقص{[54711]} بعض أحوالهم عند ذلك ، فقال عادلاً عن خطابهم استهانة بهم{[54712]} وإيذاناً بالغضب ، وخطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم تسلية له ، أو لكل من يصح خطابه ، عاطفاً على ما تقديره : فلو رأيتهم وقد بعثرت القبور ، وحصل ما في الصدور ، وهناك{[54713]} أمور أيّ أمور ، موقعاً {[54714]}المضارع في حيز{[54715]} ما من شأنه الدخول على الماضي ، لأنه لتحقق{[54716]} وقوعه كأنه قد كان ، واختير التعبير به لترويح النفس بترقب رؤيته حال{[54717]} سماعه ، تعجيلاً للسرور بترقب المحذور لأهل الشرور : { ولو ترى } أي تكون أيها الرائي من أهل الرؤية لترى حال المجرمين { إذ المجرمون } أي القاطعون لما أمر الله به أن يوصل بعد{[54718]} أن وقفوا بين يدي ربهم { ناكسوا رؤوسهم } أي مطأطئوها{[54719]} خجلاً وخوفاً وخزياً{[54720]} وذلاً {[54721]}في محل المناقشة{[54722]} { عند ربهم } المحسن إليهم المتوحد بتدبيرهم ، قائلين بغاية الذل والرقة : { ربنا } أي أيها المحسن إلينا { أبصرنا } ما كنا نكذب به { وسمعنا } أي{[54723]} منك ومن ملائكتك ومن أصوات النيران وغير ذلك ما كنا نستبعده ، فصرنا على غاية العلم{[54724]} بتمام قدرتك وصدق وعودك{[54725]} { فارجعنا } بما لك من هذه الصفة المقتضية للإحسان ، إلى دار الأعمال { نعمل صالحاً } ثم حققوا هذا الوعد بقولهم على سبيل التعليل مؤكدين لأن حالهم كان حال الشاك الذي يتوقف المخاطب في إيقانه : { إنا موقنون * } أي ثابت الآن{[54726]} لنا الإيقان{[54727]} بجميع ما أخبرنا به عنك مما كشف عنه العيان ، أي لو رأيت{[54728]} ذلك لرأيت أمراً لا يحتمله من هوله و{[54729]}عظمه عقل{[54730]} ، ولا يحيط به وصف .

ولما لم يذكر لهم جواباً{[54731]} ، علم أنه لهوانهم ، لأنه ما جرأهم على{[54732]} العصيان إلا صفة الإحسان ، فلا يصلح لهم إلا الخزي والهوان ، ولأن{[54733]} الإيمان لا يصح إلا بالغيب{[54734]} قبل العيان .


[54711]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: في.
[54712]:زيد من ظ وم ومد.
[54713]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: هال.
[54714]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للمضارع مع خبر.
[54715]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: للمضارع مع خبر.
[54716]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تحقق.
[54717]:من م ومد، وفي الأصل: بحال من، وفي ظ: حال من.
[54718]:في ظ: بل.
[54719]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مطاطيون.
[54720]:من م ومد، وفي الأصل وظ: حزنا.
[54721]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[54722]:سقط ما بين الرقمين من ظ وم ومد.
[54723]:سقط من ظ.
[54724]:زيد في الأصل: بها، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54725]:في ظ: وعدك.
[54726]:زيد من ظ وم ومد.
[54727]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الإيمان.
[54728]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: رأيته.
[54729]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عقله.
[54730]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عقله.
[54731]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جواب.
[54732]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: إلى.
[54733]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا.
[54734]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بالمغيب.