نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ} (13)

ولما كان هذا القدر من العلم موجباً للانقياد لكل خير من الوحدانية وغيرها ، والإقبال على الحق في كل أمر ، فكان المتمادي على إعراضه قبل الوعظ به كأنه جدد إعراضاً غير إعراضه الأول ، قال مفصلاً بعض قوله { فأعرض أكثرهم } : { فإن أعرضوا } أي استمروا على إعراضهم ، أو أعرض غيرهم عن قبول ما جئتهم به من الذكر بعد هذا البيان الواضح في هذه الآيات التي دلت على الوحدانية والعلم والقدرة وغيرها من صفات الكمال أتم دلالة { فقل } أي لهم : إن لكم سلفاً سلكتم طريقهم في العناد ، فإن أبيتم إلا الإصرار ألحقناكم بهم كأمثالهم وهو معنى { أنذرتكم صاعقة } ، أي حلول صاعقة مهيأة لمن كشف له الأمر فعاند ، فإن وظيفة الحجة قد تمت على أكمل الوجوه ، قال البغوي وابن الجوزي : والصاعقة المهلكة من كل شيء - انتهى . والحاصل أنه عذاب شديد الوقع كأنه في شدة وقعه صاعقة .

ولما كان التخويف بما تسهل مشاهدة مثله أوقع في النفس قال : { مثل صاعقة عاد وثمود * } أي الذين تنظرون ديارهم وتستعظمون آثارهم ،