غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ} (13)

1

ثم قال لنبيه عليه السلام { فإن أعرضوا } عن التوحيد بعد هذا البيان الباهر والبرهان القاهر { فقل أنذرتكم صاعقة } لأن الإصرار على الجهل بعد وضوح الحق عناد ، ولا علاج للمعاند سوى التأديب بما يناسبه .

يروى أن أبا جهل قال في ملأ من قريش : قد التبس علينا أمر محمد فلو التمستم لنا رجلاً عالماً بالشعر والكهانة والسحر فكلمه ثم أتانا ببيان عن أمره . فقال عتبة بن ربيعة : أنا ذاك . فأتاه وقال : أنت خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ أنت خير أم عبد الله ؟ فبم تشتم آلهتنا وتضللنا . وعرض عليه الرياسة والنساء والأموال إن ترك ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم } إلى قوله { مثل صاعقة عاد وثمود } فهال عتبة بذاك وناشده بالرحم ورجع ولم يأت قريشاً . فلما احتبس عنهم قالوا : ما نرى عتبة إلا قد صبأ . فانطلقوا إليه فقال : والله لقد كلمته فأجابني بشيء ، والله ما هو بشعر ولا كهانة ولا سحر ولما بلغ { صاعقة عاد وثمود } ناشدته بالرحم أن يكف . ولقد علمتم أن محمداً إذا قال شيئاً لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب . فإن قيل : كيف يصح هذا الإنذار وقد أخبر الله سبحانه في قوله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم }

[ الأنفال : 33 ] وإن هذه الأمة آمنون من العذاب ؟ قلنا : الأنفال مدنية وهذه مكية .

/خ24