تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ} (13)

الآية 13 وقوله عز وجل : { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } كانت معروفة عندهم ، ظاهرة أنها نزلت بهم . دل قوله تعالى : { أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } أن صاعقة عاد [ وثمود ]{[18457]} كان معروفة عندهم ظاهرة أنها نزلت بهم لتكذيبهم الرسل وتركهم إجابتهم إلى ما دعوا إليه حين{[18458]} خوّف هؤلاء بذلك ؛ كأنه يقول : أنذرتكم بتكذيبكم إياي وترككم إجابتي إلى ما دعوتكم إليه بالذي نزل بعاد وثمود وتكذيبهم الرسول الذي أُرسل إليهم وتركهم الإجابة إلى ما دعوا إليه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } لم يُرد به عين عذاب أولئك ومثله في رأي العين ، ولكن مثله في الهلاك والاستئصال .

ألا ترى أن عذاب عاد وثمود مختلفان{[18459]} في رأي العين عذاب عاد خلاف عذاب ثمود ، وهما{[18460]} في المعنى واحد . فعلى ذلك ما أوعد هؤلاء بمثل عذاب عاد وثمود ، لم يرد مثله في رأي العين ، ولكن في المعنى ، وهو كما ذكر في قوله تعالى : { تشابهت قلوبهم } [ البقرة : 118 ] وقوله تعالى : { يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ } [ التوبة : 30 ] لم يرد التشابه والمضاهأة على أن نفس القول منهم ، وأن الكلام كان واحدا ، بل كان سبب كفرهم مختلفا ، وقوله هؤلاء خلاف قول أولئك ، وما كان من هذا الفريق خلاف ما كان من الفريق الآخر .

لكن ما كان التكذيب من هؤلاء له كالتكذيب من أولئك ، والرّد له من هؤلاء كهُوَ من أولئك في أن كان كفرا واحدا سواء .

فمن هذه الجهة وصف قلوبهم بالتشابه وأقوالهم بالمضاهأة . وهذا يدل على أن الاستواء من جهة واحدة يوجب التشابه والتماثل .


[18457]:ساقطة من الأصل وم.
[18458]:في الأصل وم: حيث.
[18459]:في الأصل وم: مختلفا.
[18460]:الواو ساقطة من الأصل وم.