بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ} (13)

{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ } أي : خوفتكم ، { صاعقة } أي : عذاباً ، { مّثْلَ صاعقة } أي : مثل عذاب { عَادٍ وَثَمُودَ } . وقال مقاتل : كان عاد وثمود ابني عم ، وموسى وقارون ابني عم ، وإلياس واليسع ، ابني عم ، وعيسى ويحيى ابني خالة . ومعنى : الآية إن لم يعتبروا فيما وصف لهم من قدرتي ، وعظمتي ، في خلق السماوات والأرض ، وأعرضوا عن الإيمان . فقال : أنذرتكم عذاباً مثل عذاب عاد وثمود ، أنه يصيبهم مثل ما أصابهم . قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : أخبرني الخليل بن أحمد . قال : حدّثنا علي بن المنذر . قال : حدّثنا ابن فضيل ، عن الأجلح ، عن ابن حرملة ، عن جابر بن عبد الله : أن أبا جهل ، والملأ من قريش ، بعثوا عتبة بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه ، فقال : له أنت يا محمد خير أم هاشم ؟ أنت خير أم عبد المطلب ؟ فلم تشتم آلهتنا ، وتضلل آباءنا ، فإن كنت تريد الرياسة عقدنا لك لواء ، وكنت رأساً ما بقيت . وإن كنت تريد الباءة ، زوجناك عشرة نسوة تختارهن ، من أي حي ، من بنات قريش شئت . وإن كنت تريد المال ، جمعنا لك من أموالنا ، ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك . فلما فرغ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم حم تَنزِيلٌ مّنَ الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته } » إلى قوله : «{ فقل أنذرتكم مّثْلَ صاعقة عَادٍ وَثَمُودَ } " . فأمسك عتبة على فيه ، وناشده بالرحم أن يكف . ثم رجع إلى أهله ، ولم يخرج إلى قريش ، واحتبس عنهم . فقال : أبو جهل : والله يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا وقد صبأ ، فأتوه . فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حبسك عنا إلا أنك قد صبوت إلى دين محمد ، وأعجبك أمره ، فغضب عتبة ، وأقسم ألا يكلم محمداً أبداً . وقال : إني أتيته ، وقصصت عليه القصة ، فأجابني بقوله : " والله ليس فيه سحر ولا شعر ، ولا كهانة " فأمسكت على فيه ، وناشدته بالرحم أن يكف ، وقد علمتم أن محمداً صلى الله عليه وسلم إذا قال قولاً ، لم يكذب . فخفت أن ينزل بكم العذاب .