فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَإِنۡ أَعۡرَضُواْ فَقُلۡ أَنذَرۡتُكُمۡ صَٰعِقَةٗ مِّثۡلَ صَٰعِقَةِ عَادٖ وَثَمُودَ} (13)

{ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود( 13 ) } .

فمن أعرض بعد ما تبين له من الحجة والبرهان ، والدليل والسلطان على أن المعبود بحق هو الله دون سواه-إذ هو سبحانه الخلاق الرزاق ، العزيز الحكيم ، الوليّ الكريم- فأنذر الصادين عن توحيده وعبادته بعذاب عاجل مهلك كالذي حل بعاد قوم هود ، وبثمود قوم صالح .

مما قال اللغويون : صعق الإنسان : غشي عليه وذهب عقله من صوت يسمعه كالهدّة الشديدة ؛ أو : مات ؛ أو كل عذاب مهلك ؛ ويقال للبرق إذا أحرق إنسانا أصابته صاعقة ؛ والصاعقة : صيحة العذاب .

[ أخرج البيهقي في الدلائل ، وابن عساكر عن جابر{[4158]} بن عبد الله قال : قال أبو جهل والملأ من قريش : قد التبس علينا أمر محمد صلى الله عليه وسلم فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فكلمه ثم أتانا ببيان من أمره ؟ ! فقال عتبة بن ربيعة : والله لقد سمعت الشعر والكهانة والسحر وعلمت من ذلك علما ، وما يخفى عليّ إن كان كذلك ، فأتاه فقال له : يا محمد ! أنت خير أم هاشم ؟ ! أنت خير أم عبد المطلب ؟ ! فلم يجبه . قال : فبم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا ؟ ! فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك ، وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك ، وإن كان بك الباءة زوجناك عشر نسوة تختار من أيّ بنات قريش ؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم ، فلما فرغ قال صلى الله عليه وسلم : { بسم الله الرحمن الرحيم . حم . تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا . . } فقرأ حتى بلغ { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فأمسك عتبة على فيه صلى الله عليه وسلم فأنشده الرحم أن يكفّ عنه ، ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قريش ؛ فلما احتبس عنهم قال أبو جهل : يا معشر قريش ! ما أرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد-صلى الله عليه وسلم-وأعجبه طعامه ، وما ذاك إلا من حاجة أصابته ، انتقلوا بنا إليه ! . . فأتوه ، فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حَسِبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره ، فإن [ كنت ]{[4159]} بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد-صلى الله عليه وسلم- فغضب وأقسم بالله تعالى لا يكلم محمدا صلى الله عليه وسلم أبدا ، وقال : لقد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكني أتيته- فقص عليهم القصة- فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة ، قرأ{ بسم الله الرحمن الرحيم . حم تنزيل من الرحمن الرحيم . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا . . } حتى { أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } فأمسكت بفيه وأنشدته الرحم فكف ، وقد علمتم أن محمدا-صلى الله عليه وسلم- إذا قال شيئا لم يكذب ، فخفت أن ينزل بكم العذاب . ]{[4160]} .


[4158]:ساقه البغوي في تفسيره بسنده عن محمد بن فضيل عن الأجلح....وقد ضعف بعض الشيء-عن الزيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله كما أخرجه عبد بن حميد في مسنده عن ابن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن الأجلح..، وأورد القصة محمد بن إسحق بن يسار في كتاب السيرة عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرطبي. لكن صاحب الجامع لأحكام القرآن أبا عبد الله محمد بن الأنصاري القرطبي أورده مرة هكذا: وقد روى هذا الخبر أبو بكر الأنباري في كتاب الرد له عن محمد بن كعب القرطبي. وأورده قبل ذلك قائلا: وروى أن الريان بن حرملة قال: ..فقد ساقه بضيعة التمريض [روى] ونسبه إلى الريان وليس إلى [الزيال] كما جاء في إسناد ابن حميد وأبي يعلى والبغوي.
[4159]:هكذا أوردت ولعلها[كانت].
[4160]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي.