نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (79)

ولما علل تعالى لعنهم بعصيانهم وغلوهم{[27256]} في الباطل ، بينه مخصصاً{[27257]} للعلماء منهم بزيادة تهديد ، لأنهم مع كونهم على المنكر لا ينهون غيرهم عنه ، مع أنهم أجدر{[27258]} من غيرهم بالنهي ، فصاروا عليّ منكرين شديدي{[27259]} الشناعة ، وسكوتهم عن النهي مغوٍ{[27260]} لأهل الفساد ومغرٍ لهم ولغيرهم على الدخول فيه{[27261]} والاستكبار منه فقال تعالى : { كانوا لا يتناهون } أي لا ينهى بعضهم بعضاً ، وبين إغراقهم في عدم المبالاة بالتنكير في سياق النفي فقال : { عن منكر } .

ولما كان الفعل ما كان من الأعمال عن داهية من الفاعل سواء كان عن علم أو لا ، عبر به إشارة إلى أن لهم في المناكر غرام من غلبته الشهوة ، ولم يبق لهم نوع علم ، فقال : { فعلوه }{[27262]} ؛ ولما كان من طبع الإنسان النهي عن كل ما خالفه طبعاً أو اعتقاداً ، لا سيما إن تأيد بالشرع ، فكان لا يكف{[27263]} عن ذلك إلا بتدريب النفس{[27264]} عليه لغرض{[27265]} فاسد أداه إليه ، أكد مقسماً{[27266]} معبراً بالفعل الذي يعبر به عما قد لا يصحبه علم ولا يكون إلا عن داهية عظيمة فقال : { لبئس ما كانوا } أي{[27267]} جبلة وطبعاً { يفعلون * } إشارة إلى أنهم لما تكررت فضائحهم وتواترت قبائحهم{[27268]} صاروا إلى حيز ما لا يتأتى منه العلم .


[27256]:في ظ: علوتهم.
[27257]:في ظ: مخلصا.
[27258]:في ظ: احذر.
[27259]:من ظ، وفي الأصل: شدى- كذا.
[27260]:في ظ: مغلو.
[27261]:سقط من ظ.
[27262]:زيد ما بين الحاجزين من ظ.
[27263]:في ظ: لا يكلف.
[27264]:في ظ: التنفس.
[27265]:في ظ: بعض.
[27266]:في ظ: مقتسما.
[27267]:سقط من ظ.
[27268]:زيد من ظ.