{ وحسبوا } أي لقلة{[27041]} عقولهم مع مباشرتهم لهذه العظائم التي ليس بعدها شيء { ألاّ تكون } أي توجد { فتنة } أي أنه{[27042]} لا يصيبهم بها عذاب في الدنيا ولا خزي في الأخرى ، بل استحقوا بأمرها ، فلا تعجب أنت من جرأتهم في ادعائهم أنهم أبناء الله{[27043]} وأحباؤه ، وقرىء : تكون - بالرفع تنزيلاً للحسبان منزلة{[27044]} العلم فتكون مخففة من الثقيلة{[27045]} التي للتحقيق{[27046]} ، وبالنصب كان الحسبان على بابه ، وأن ، على بابها خفيفة ناصبة{[27047]} للفعل ، لأن القاعدة - كما ذكر الواحدي - أن{[27048]} الأفعال على ثلاثة أضرب : فعل للثبات والاستقرار كالعلم والتيقن والبيان{[27049]} ، تفع بعده الثقيلة دون الخفيفة ، وفعل للزلزلة والاضطراب{[27050]} كالطمع والخوف والرجاء ، فلا يكون بعده إلا الخفيفة الناصبة للمضارع ، وفعل يقع على وجهين كحسب : تارة تكون بمعنى طمع فتنصب{[27051]} ، وتارة بمعنى علم فترفع{[27052]} ، فإن رفع هنا كان الحسبان بمعنى العلم عندهم لقوة عنادهم ، وإن نصب كان بمعنى الطمع لأنهم عالمون بأن قتلهم لهم خطأ ، فتنزل القراءتان على فريقين - والله أعلم ، وأيضاً فقراءة الرفع تفيد تأكيد حسبانهم المفيد لعدم خوفهم بزيادة عماهم { فعموا } أي فتسبب عن إدلالهم إدلال الولد والمحبوب جهلاً منهم وحماقة بظنهم أنهم لا تنالهم فتنة أنهم وُجِد{[27053]} عماهم العمى الذي لا عمى في الحقيقة سواه ، وهو انطماس البصائر
فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }[ الحج : 46 ] حتى في زمن موسى عليه السلام { وصموا } أي بعده{[27054]} وبعد يوشع عليهما السلام ، لأن الصمم أضر من العمى ، فصاروا كمن لا يهتدي إلى سبيل أصلاً ، لأنه لا بصر له بعين ولا قلب ولا سمع { ثم تاب الله } أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال { عليهم } أي فرجعوا إلى الحق وتكرر لهم ذلك { ثم عموا } أي في زمن المسيح عليه السلام { وصموا } أي بعده{[27055]} .
ولما كان الإتيان بالضمير مفهماً لأن ذلك عمهم كلهم ، أعلم سبحانه أن ذلك ليس كذلك بقوله : { كثير منهم } إلا أن سوقه للعبارة هذا المساق يدل على أن من لم يكفر منهم كان مزلزلاً{[27056]} غير راسخ القدم في الهدى - والله أعلم ، وربما دل عليه قوله : { والله } أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً { بصير بما يعملون * } أي وإن دق وإن كانوا يظنون أنهم أسسوا{[27057]} عملهم على علم ، وقد مضى في قوله " من لعنه الله وغضب عليه " ما يشهد لهذا من عبادتهم بعلا الصنم وغيره من الأصنام مرة بعد مرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.