فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (79)

ثم بين سبحانه المعصية والاعتداء بقوله : { كَانُواْ لاَ يتناهون عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ } فأسند الفعل إليهم لكون فاعله من جملتهم وإن لم يفعلوه جميعاً .

والمعنى : أنهم كانوا لا ينهون العاصي عن معاودة معصية قد فعلها ، أو تهيأ لفعلها ، ويحتمل أن يكون وصفهم بأنهم قد فعلوا المنكر باعتبار حالة النزول لا حالة ترك الإنكار ، وبيان العصيان والاعتداء بترك التناهي عن المنكر ؛ لأن من أخلّ بواجب النهي عن المنكر فقد عصى الله سبحانه وتعدّى حدوده . والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهمّ القواعد الإسلامية ، وأجلّ الفرائض الشرعية ، ولهذا كان تاركه شريكاً لفاعل المعصية ، ومستحقاً لغضب الله وانتقامه كما وقع لأهل السبت ، فإن الله سبحانه مسخ من لم يشاركهم في الفعل ، ولكن ترك الإنكار عليهم ، كما مسخ المعتدين فصاروا جميعاً قردة وخنازير { إِنَّ فِي ذلك لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيد } ثم إن الله سبحانه قال مقبحاً لعدم التناهي عن المنكر { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } أي من تركهم لإنكار ما يجب عليهم إنكاره .

/خ81