ولما فطم عن التشوف إلى إجابتهم في المقترحات على ما قدرته ، تسبب منهم عن الانشقاق بقوله : { وكذبوا } أي بكون الانشقاق دالاً على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وجزموا بالتكذيب عناداً أو خبثاً منهم . ولما كان التكذيب في نفسه قد يكون حقاً ، قال مبيناً أنه باطل ، فبين عن حالهم بقوله : { واتبعوا } أي بمعالجة فطرهم الأولى المستقيمة في دعائها إلى التصديق { أهواءهم } أي حتى نابذوا ما دلتهم عليه بعد الفطرة الأولى عقولهم ، قال القشيري : إذا حصل اتباع الهوى فمن شؤمه يحصل التكذيب ، لأن الله سبحانه وتعالى يلبس على قلب صاحبه حتى لا يستبصر الرشد ، واتباع الرضى مقرون بالتصديق لأن الله تعالى ببركات الاتباع للحق يفتح عين البصيرة فيأتي بالتصديق - والله الهادي . ولما كان ذلك مفظعاً لقلوب المحقين ، سلاهم بالوصول إلى محط تظهر فيه الحقائق وتضمحل فيه الشقاشق ، فقال عاطفاً على ما تقديره : فسيستقر أمر كل من أمر المحق والمبطل في قراره ، ويطلع على دقائقه وأسراره : { وكل أمر } من أموركم وغيرها { مستقر * } أي ثابت وموجود ، انتهاؤه إلى غاية تظهر فيها حقيقته من غير حيلة تصاحبه إلى رد ذلك القرار ولا خفاء على أحد ، فلا بد أن ينتهي الحق من كل شيء من الآجال والهدايات والضلالات والسعادات والشقاوات وغيرها إلى نهايته فيثبت ثبوتاً لا زوال له ، وينتهي الباطل مما دعاه الخلق فيه إلى غايته فيتلاشى تلاشياً لا ثبات له بوجه من الوجوه ، فإذا استقرت الأمور ظهر ما لهم عليه وعلموا الخاسر من الفائز ، وفي مثل هذا قال ابن عمرو التيمي أخو القعقاع في وقعة السي ( ؟ ) من بلاد العراق :
والموت خيلنا لما التقينا *** بقارن والأمور لها انتهاء
وقرأ أبو جعفر{[61755]} بالجر صفة لأمر ، فيكون معطوفاً على الساعة أي واقترب كل أمر مستقر أي ثابت وهو الحق أي اقترب الظهور وثباته ، وذلك لا يكون إلا وقد كان خفاء الباطل وفواته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.