إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرٖ مُّسۡتَقِرّٞ} (3)

{ وَكَذَّبُوا } أي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وما عاينُوه مما أظهرَهُ الله تعالَى على يدِه من المعجزاتِ { واتبعوا أَهْوَاءهُمْ } التي زيَّنها الشيطانُ لهم أو كذَّبُوا الآيةَ التي هيَ انشقاقُ القمرِ واتَّبعُوا أهواءَهُم وقالُوا سحرَ القمرَ أو سحرَ أَعْيُننا والقمرُ بحالِه . وصيغةُ الماضِي للدلالةِ على التحققِ . وقولُه تعالى : { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } استئنافٌ مسوقٌ لإقناطِهم عمَّا علَّقوا به أمانيَّهم الفارغةَ من عدمِ استقرارِ أمرِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ حسبمَا قالُوا سحرٌ مستمرٌّ ببيانِ ثباتِه ورسوخِه أي وكلُّ أمرٍ من الأمورِ مستقرٌّ أي مُنتهٍ إلى غايةٍ يستقرُّ عليَها لا محالةَ ، ومن جُملتِها أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فسيصيرُ إلى غايةٍ يتبينُ عندَهَا حقِّيتُه وعلُّو شأنِه . وإبهامُ المستقَرِّ عليهِ للتنبيهِ على كمالِ ظهورِ الحالِ وعدمِ الحاجةِ إلى التصريحِ بهِ ، وقيلَ : المَعْنى كلُّ أمرٍ من أمرِهم وأمرِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مستقرٌّ أي سيثبتُ ويستقرُّ على حالةِ خذلانٍ أو نصرةٍ في الدُّنيا وشقاوةٍ أو سعادةٍ في الآخرةِ . وقُرِئَ بالفتحِ على أنَّه مصدرٌ أو اسمُ مكانٍ أو اسمُ زمانٍ أي ذُو استقرارٍ أو ذُو موضعَ استقرارٍ أو ذُو زمانِ استقرارٍ ، وبالكسرِ والجرِّ عَلى أنَّه صفة أمرَ ، وكلُّ عطفٌ على الساعةُ أي اقتربتِ الساعةُ وكلُّ أمرٍ مستقرٌّ .