فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُمۡۚ وَكُلُّ أَمۡرٖ مُّسۡتَقِرّٞ} (3)

ثم ذكر سبحانه تكذيبهم ، فقال : { وَكَذَّبُواْ واتَّبَعُواْ أَهْوَاءَهُمْ } أي وكذبوا رسول الله ، وما عاينوا من قدرة الله ، واتبعوا أهواءهم وما زيّنه لهم الشيطان الرجيم ، وجملة : { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } مستأنفة لتقرير بطلان ما قالوه من التكذيب ، واتباع الأهواء : أي وكل أمر من الأمور منته إلى غاية ، فالخير يستقرّ بأهل الخير ، والشرّ يستقر بأهل الشرّ . قال الفراء : يقول يستقرّ قرار تكذيبهم ، وقرار قول المصدّقين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعقاب . قال الكلبي : المعنى لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر ، وما كان منه في الآخرة فسيعرف . قرأ الجمهور { مُسْتَقِرٌّ } بكسر القاف ، وهو مرتفع على أنه خبر المبتدأ وهو «كل » . وقرأ أبو جعفر ، وزيد بن علي بجر ( مُسْتَقِرٌّ ) على أنه صفة ل { أمر } ، وقرأ شيبة بفتح القاف ، ورويت هذه القراءة عن نافع . قال أبو حاتم : ولا وجه لها ، وقيل : لها وجه بتقدير مضاف محذوف : أي وكل أمر ذو استقرار ، أو زمان استقرار ، أو مكان استقرار ، على أنه مصدر ، أو ظرف زمان ، أو ظرف مكان .

/خ17