نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِم مَّطَرٗاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (84)

ولما أفهم هذا إهلاكهم ، بينه دالاً على نوعه بقوله : { وأمطرنا } أي حجارة الكبريت بعد أن قلعت{[32680]} مدائنهم ورفعت وقلبت حتى رجم بها مسافروهم وشذابهم لأنه{[32681]} عذاب الاستئصال عمن{[32682]} لا يعجزه شيء ؛ وأوضحه بقصره{[32683]} الفعل وتعديته بحرف الاستعلاء فقال : { عليهم } وأكد كونه من السماء لا من سطح أو جبل ونحوه بقوله : { مطراً } وأشار إلى عظمه مزيلاً للبس أصلاً{[32684]} بما سبب عنه من قوله : { فانظر كيف كان عاقبة } أي آخر أمر { المجرمين -* } وأظهر موضع الإضمار تعليقاً للحكم بوصف القطع لما حقه الوصل بوصل ما حقه القطع من فاحش المعصية دليلاً على أن الرجم جزاء من فعل هذا الفعل بشرطه ، لأن الحكم يدور مع العلة ، وسيأتي في سورة هود عليه السلام سياق قصتهم من التوراة بعد أن مضى في البقرة عند{[32685]}{ إذ قال له ربه أسلم }{[32686]} أوائل أمرهم ، وهذا كما سومت{[32687]} الحجارة لقريش - لما أجمعوا أن يرجعوا بعد توجههم عن غزوة أحد من الطريق - ليفزعوا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على زعمهم ، كما قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ! لقد سومت لهم الحجارة ، ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب " ولكنه صلى الله عليه وسلم لما كان رسول رحمة لم يقض الله برجوعهم فمضوا حتى أسلم بعد ذلك كثير منهم ، وكما أمطر{[32688]} الله الحجارة على أصحاب الفيل سنة مولده صلى الله عليه وسلم حماية لبلده{[32689]} ببركته .


[32680]:- من ظ، وفي الأصل: فعلت.
[32681]:- في ظ: لان.
[32682]:- في ظ: من.
[32683]:- في ظ: بقصر.
[32684]:- زيد من ظ.
[32685]:- من ظ، وفي الأصل: بعد.
[32686]:- آية 131.
[32687]:- من ظ، وفي الأصل: سويت.
[32688]:- في ظ: أمر.
[32689]:- في ظ: لبهته.