غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَمۡطَرۡنَا عَلَيۡهِم مَّطَرٗاۖ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (84)

73

ثم وصف العذاب فقال { وأمطرنا عليهم مطراً } أي أرسلنا عليهم نوعاً من المطر عجيباً . قيل : كانت المؤتفكة خمس مدائن . وقيل كانوا أربعة آلاف بين الشام والمدينة . فأمطر الله عليهم الكبريت والنار . وقيل : خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم وشذاذهم . وقيل : أمطر عليهم ثم خسف بهم . وروي أن تاجراً منهم كان في الحرم فوقف له الحجر أربعين يوماً حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه { فانظر } يا محمد أو كل من له أهلية النظر والاعتبار { كيف كان عاقبة المجرمين } وهذه الأمة وإن أمنت من عذاب الاستئصال إلا أن الخوف والاعتبار من شعار المؤمن لا ينبغي أن ينفك عنه على أن عذاب الآخرة أشدّ وأبقى ولم يأمنوه بعده .

مسائل : الأولى مذهب الشافعي أن اللواط يوجب الحدّ لأنه ثبت في شريعة لوط فالأصل بقاؤه إلى طريان الناسخ ولم يظهر نسخ في شرعنا ، ولأن ذكر الحكم عقيب الوصف المناسب يدل على علية الوصف للحكم ، فالآية دلت على أن هذا الجرم المخصوص علة لحصول هذا الزاجر المخصوص . وقال أبو حنيفة : إن الواجب فيه التعزير لأنه فرج لا يجب المهر بالإيلاج فيه فلا يجب الحدّ كإتيان البهيمة ، وعلى الأول ففي عقوبة الفاعل قولان : أحدهما أن عقوبته القتل محصناً كان أو لم يكن لما روي انه صلى الله عليه وسلم قال «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول » وأصحهما أن حده حد الزنا فيرجم إن كان محصناً ويجلد ويغرب إن لم يكن محصناً لأنه حد يجب بالوطء ، ويختلف فيه البكر والثيب كالإتيان في القبل . وعلى قول القتل فيه وجوه أحدها : يقتل بالسيف كالمرتد ، والثاني وبه قال مالك وأحمد يرجم تغليظاً ، ويرى عن علي عليه السلام أيضاً . والثالث يهدم عليه جدار أو يرمى من شاهق جبل ليموت أخذاً من عذاب قوم لوط . وأما المفعول فإن كان صغيراً أو مجنوناً أو مكرهاً فلا حد عليه ولا مهر لأن منفعة بضع الرجل لا تتقوم ، وإن كان مكلفاً طائعاً فيقتل بما يقتل به الفاعل إن قلنا إن الفاعل يقتل ، وإن قلنا يحد حد الزنا فيجلد ويغرب محصناً كان أو لم يكن ، وإن أتى امرأة في دبرها ولا ملك ولا نكاح فالأظهر أنه لواط لأنه إتيان في غير المأتي ويجيء في الفاعل والمفعول ما ذكرنا . وقيل : إنه زنا لأنه وطء أنثى فأشبه الوطء في القبل فعلى هذا حده حد الزنا بلا خلاف . وترجم المرأة إن كانت محصنة . وإذا لاط بعبده فهو كالأجنبي على الأصح ولو أتى امرأته أو جاريته في الدبر فالأصح القطع بمنع الحد لأنها محل استمتاعه بالجملة .

/خ84