إن هذان لساحران : قرئت ( إن ) كحرف نفي . فتكون جملة ( هذان لساحران ) مبتدأ وخبرا . وقرئت بتشديد النون على أنها المشبهة التي تنصب الاسم وترفع الخبر . وقرأ بعضهم ( هذان ) في صيغة ( هذين ) لتكون اسمها . ولكن قراءة الجمهور ( هذان ) . وقد روي عن عائشة قولها إن ( هذان ) من غلط الكتاب والأصح أن تكون ( هذين ) اسما لأنّ المشبهة . وفي القرآن آيات كثيرة ورد فيها حرف ( إن ) بالجزم كحرف نفي وورود بعدها مبتدأ وخبرا . ومن ذلك آية سورة إبراهيم { إن نحن إلا بشر مثلكم } [ 11 ] فتكون جملة { إن هذان لساحران } في مقام ( ما هذان إلا ساحران ) ونرى هذا هو الأوجه والرواية المروية عن عائشة لم ترد في كتب الصحاح . ونحن نتوقف فيها . والله أعلم .
طريقتكم المثلى : طريقتكم الفضلى .
{ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى 49 قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى 50 قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى 51 قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي ولَا يَنسَى 52 الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْواجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى 53 كُلُوا وارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى 54 مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفِيهَا نُعِيدُكُمْ ومِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى 55 ولَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وأَبَى 56 قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى 57 فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ ولَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى 58 قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى 59 فَتَولَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى 60 قَالَ لَهُم مُّوسَى ويْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى 61 فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وأَسَرُّوا النَّجْوى 62 قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا ويَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى 63 فَأَجْمِعُوا كَيْدَ كُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى 64 قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وإِمَّا أَن نَّكُونَ أَولَ مَنْ أَلْقَى 65 قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى 66 فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى 67 قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى 68 وأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ولَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى69 فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ ومُوسَى 70 قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ولَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ولَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وأَبْقَى 71 قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ والَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا 72 إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ومَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ واللَّهُ خَيْرٌ وأَبْقَى 73 إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا ولَا يَحْيى 74 ومَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى 75 جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى 76 ولَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا ولَا تَخْشَى 77 فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ 78 وأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ومَا هَدَى 79 } [ 49 79 ]
تعليق على الحلقة الثالثة من سلسلة
الآيات حلقة أخرى من حلقات السلسلة وقد احتوت حكاية موجزة لما كان بين موسى عليه السلام وفرعون والسحرة إلى خروج بني إسرائيل من مصر . وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر . وبعض ما ورد في سورة الأعراف التي سبق تفسيرها . وما جاء فيها متطابق إجمالا مع ما جاء بإسهاب في الإصحاحات ( 5 إلى 15 ) من سفر الخروج عدا كل ما يتصل بالسحرة . ونعتقد أن ما جاء في الآيات كان متداولا بين اليهود وواردا في بعض أسفارهم وقراطيسهم .
وفي كتب التفسير بيانات كثيرة في نطاق ما جاء في القرآن من جملة ما جاء في صدد السحرة . وفيها أشياء كثيرة غير واردة في سفر الخروج حيث يكون في ذلك دعم لما نقول . ولم نر ضرورة لإيراد ما جاء في هذه الكتب لأنها لا تتصل بأهداف القرآن في السلسة .
وفي الآيات حكاية زجر موسى عليه السلام للسحرة . وقول رباني بعدم فلاح الساحر في سياق وصدد ما جاء من سحرة فرعون الآيات [ 61 و 69 ] وفي الإصحاح ( 22 ) من سفر الخروج والإصحاح الثاني من سفر الأحبار والإصحاح ( 18 ) من سفر التثنية حكاية أوامر ربانية بإبادة السحرة ورجم أصحاب التوابع والعرافين ونهي شديد عن ذلك حيث ينطوي في هذا أن الشريعة الموسوية تشجب السحر والسحرة وترتب عليهم عقوبات زاجرة . وحيث يكون في هذا تساوق مع ما ورد في السلسلة وفي القرآن من ذلك .
ولقد احتوت الآيات نقاطا كثيرة فيها العبرة والعظة والتطابق من المبادئ والتقريرات والتدعيمات الواردة في سور أخرى ، منها ما مر تفسيره ومما هو هدف جوهري في الآيات مثل المحاورة الأولى التي جرت بين موسى عليه السلام وفرعون في صور عظمة الله وقدرته الشاملة وعلمه المحيط ونعمه على خلقه ، وإيداعه في كل شيء خلقه ما هو في حاجة إليه ، وهدايته إلى استعمالها والانتفاع بها . ومثل الحملة على السحر والسحرة وتقرير كون ذلك كذبا وافتراء على الله ، وأن الذين يتعاطون السحر لا يمكن أن يصيبوا فلاحا ونجاحا . ومثل انتصار رسول الله على السحرة بآية الله . ومثل رؤيتهم الحق والهدى في جانب رسول الله ، وإيمانهم وسجودهم لله ، وثباتهم على ذلك رغم تهديد فرعون إياهم بقطع الأيدي والأرجل والصلب . ورجاء غفران الله ونيل رضوانه ونعيمه الأخروي الذي هو الأفضل ، لأن الذي يأتي ربّه مجرما له نار جهنم لا يموت فيسترح من العذاب ولا يخرج منها فيكون له حياة أخرى ، ومن يأته مؤمنا صالح العمل له الدرجات العلى وجنات النعيم . ومثل ما كان في النهاية من عناية الله تعالى بموسى عليه السلام وقومه لإخلاصهم وإيمانهم ، وإنقاذهم من طغيان فرعون وغرق فرعون الذي لحق بهم مع جنوده نتيجة لمعجزة الله التي أظهرها على يد رسوله بضربه البحر بعصاه وسير موسى وقومه على الأرض اليابسة فيه وانطباقه بعد ذلك على فرعون وجنوده لأنه قاد قومه إلى الضلال دون الهدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.