وقوله : { إِنْ هذَانِ لَسَاحِرَانِ 63 } قد اختلف فيه القراء فقال بعضهم : هو لحن ولكنا نمضى عليه لئلاّ نخالف الكتاب . حدَّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثني أبو معاوية الضرير عَنْ هاشم بن عُروة بن الزُبَير عن أَبيه عن عَائشة أَنها سُئِلت عن قوله في النساء { لَكِنِ الراسِخُونَ في العِلْمِ مِنْهمْ . . . . والمُقِيمِينَ الصلاةَ } وعن قوله في المائدة { إِنَ الذِينَ آمَنوا والّذِين هادُوا والصَّابِئُونَ } وعن قوله{ إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } فقالت : يا بن أَخي هذا كان خطأ من الكاتب . وقرأَ أَبو عمرو { إنَّ هَذَيْنِ لَساحِرَان } واحتجّ أَنه بلغه عن بعض أَصحاب محمد صَلى الله عَليه وسَلم أنه قال : إن في المصحف لَحْنا وستقيمه العرب .
قال الفراء : ولست أشتهي على ( أن أخالف الكتاب وقرأ بعضهم ( إنْ هَذَان لساحران ) خفيفة وفي قراءة عبد الله : ( وأسروا النجوى أَن هذان ساحران ) وفي قراءة أُبَىّ ( إنْ ذان إلاّ ساحران ) فقراءتنا بتشديد ( إنّ ) وبالألف على جهتين .
إحداهما على لغة بني الحارث بن كعب : يجعلون الاثنين في رفعهما ونصبهما وَخفضهما بالألِف وأنشدني رجل من الأَسْد عنهم . يريد بني الحارث :
فأَطرق إطراق الشجاع ولو يرى *** مَسَاغاً لِناباه الشجاعُ لصَمّما
قال : وما رأيت أفصح من هذا الأسْديّ وحكى هذا الرجل عنهم : هذا خطُّ يَدَا أخي بعينه . وذلك - وإن كان قليلاً - أقيسُ ؛ لأنَّ العرب قالوا : مسلمون فجعَلوا الواو تابعة للضمَّة ( لأن الواو لا تعرب ) ثم قالوا : رأيت المسلمين فجعلوا اليَاء تابعة لكسرة الميم . فلما رأوا أن الياء من الاثنين لا يمكنهم كسرُ ما قبلها ، وثبت مفتوحا : تركوا الألِف تتبعه ، فقالوا : رجلان في كل حال . وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف في كِلاَ الرجلين في الرفع والنصب والخفض وهما اثنان ، إلاّ بني كنانة فإنهم يقولون : رَأيت كِلَىِ الرجلين ومررت بكلَى الرجلين . وهي قبيحة قليلة ، مَضَوا على القياس .
والوجه الآخر أن تقول : وجدت الألف ( من هذا دِعامة وليست بلام فعل ، فلما ثنَيت زدتُ عليها نونا ثم تركت الألف ) ثابتة على حالها لا تزول على كلّ حال ؛ كما قالت العرب ( الذي ) ثم زادوا نونا تدلّ على الجِماع ، فقالوا : الذين في رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا ( هذان ) في رفعه ونصبه وخفضه . وكنانة يقولون ( اللَّذُونَ ) .
وقوله : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى 63 } الطريقة : الرجال الأشراف وقوله ( المثلى ) يريد الأمثل يذهبون بأشرافكم فقال المثلى ولم يقل المُثل مثل ( الأسماء الحسنى ) وإن شئت جعلت ( المثلى ) مؤنّثة لتأنيث الطريقة . والعرب تقول للقوم : هؤلاء طريقة قومهم وطرائق قومهم : أشرافهم ، وقوله { كُنا طَرَائقَ قِدَداً } مِن ذلك . ويقولون للواحد أيضاً : هذا طريقة قومه ونَظُورة قومه وبعضهم : ونظيرة قومه ، ويقولونَ للجمع بالتوحيد والجمع : هؤلاء نَظُورة قومهم ونظائر قومهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.