تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَٰنِ لَسَٰحِرَٰنِ يُرِيدَانِ أَن يُخۡرِجَاكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِمَا وَيَذۡهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلۡمُثۡلَىٰ} (63)

{ قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } هذه لغة لبعض العرب ، جاءت هذه القراءة على إعرابها ، ومنهم من قرأ : " إنْ هَذَينِ لَسَاحِرَانِ " وهذه اللغة المشهورة ، وقد توسع النحاة في الجواب عن القراءة الأولى بما ليس هذا موضعه .

والغرض أن السحرة قالوا فيما بينهم : تعلمون{[19411]} أن هذا الرجل وأخاه - يعنون : موسى وهارون - ساحران عالمان خبيران بصناعة السحر ، يريدان في هذا اليوم أن يغلباكم وقومكم ويستوليا على الناس ، وتتبعهما العامة ويقاتلا فرعون وجنوده ، فينتصرا عليه ويخرجاكم من أرضكم .

وقوله : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } أي : ويستبدا بهذه الطريقة ، وهي السحر ، فإنهم كانوا معظَّمين بسببها ، لهم أموال وأرزاق عليها ، يقولون :{[19412]} إذا غلب هذان أهلكاكم وأخرجاكم من الأرض ، وتفردا بذلك ، وتمحضت لهما الرياسة بها دونكم .

وقد تقدم في حديث الفتون عن{[19413]} ابن عباس [ قال ]{[19414]} في قوله : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } يعني : ملكهم الذي هم فيه والعيش .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا هُشَيْم ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، سمع الشعبي يحدث عن علي في قوله : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } قال : يصرفا{[19415]} وجوه الناس إليهما .

وقال مجاهد : { وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } قال : أولي الشرف والعقل والأسنان .

وقال أبو صالح : { بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } أشرافكم وسرواتكم . وقال عكرمة : بخيركم . وقال قتادة : وطريقتهم المثلى يومئذ بنو إسرائيل ، كانوا أكثر القوم عددا وأموالا فقال عدو الله : يريدان أن يذهبا بها لأنفسهما .

وقال عبد الرحمن بن زيد : { بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى } بالذي أنتم عليه .


[19411]:في ف أ: "يعلمون".
[19412]:في ف: "يقولان".
[19413]:في ف، أ: "أن".
[19414]:زيادة من ف، أ.
[19415]:في ف، أ: "يصرفان".