بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالُوٓاْ إِنۡ هَٰذَٰنِ لَسَٰحِرَٰنِ يُرِيدَانِ أَن يُخۡرِجَاكُم مِّنۡ أَرۡضِكُم بِسِحۡرِهِمَا وَيَذۡهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلۡمُثۡلَىٰ} (63)

{ قَالُواْ إِنْ هاذان لساحران } ، يعني : موسى وهارون ، { يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا } ؛ قرأ أبو عمرو : { ءانٍ * هاذان لساحران } لأن إن تنصب ما بعدها . وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص { إِنْ هاذان } بجزم إن وتشديد نون هذانّ عند ابن كثير خاصة ، والباقون إنَّ بالنصب والتشديد { هاذان لساحران } بالتخفيف . وقال أبو عبيد : نقرأ بهذا ورأيت في مصحف عثمان { ءانٍ هذين لساحران } بهذا الخط ليس فيه ألف ، وهكذا رأيت رفع الاثنين في جميع المصاحف بإسقاط الألف وإذا كتبوا بالنصب والخفض كتبوها بالياء . وحكى الكسائي ، عن أبي الحارث بن كعب وخثعم وزيد وأهل تلك الناحية ، الرفع مكان النصب قال القائل :

أَي قلوص راكب تراها . . . طاروا علاهن فطر علاها

وقال آخر :

إنَّ أبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا . . . قَدْ بَلَغَا فِي الجِدِّ غَايَتَاهَا

وقال آخر :

فَمَنْ يَكُ بِالْمَدِينَةِ أَمْسَى رَحْلُه . . . فَإِنِّي وَقَيَّارٍ بِهَا لَغَرِيبُ

وروى وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم قالوا : كانوا يريدون أن الألف والياء في القراءة سواء { قَالُواْ إِنْ هاذان لساحران } و { ءانٍ هاذين لساحرين } سواء . وفي مصحف عبد الله { إِنْ هاذان ساحران } وفي مصحف أبي { إِنْ هاذان *** إِلا ساحران } .

ثم قال الله عز وجل : { بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ المثلى } ، يقول برجالكم الأمثل ، فالأمثل . يقول : ليغلبا على الرجال من أهل العقول والشرف ، وقال القتبي : يقال : هؤلاء طريقة القوم ، أي : أشرافهم ، ويقال : أراد سنتكم ودينكم ، وقال الزجاج : معناه يذهبا بأهل طريقتكم ، كما قال : { واسئل القرية التى كُنَّا فِيهَا والعير التى أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لصادقون } [ يوسف : 82 ] .