{ لا يسئل عما يفعل وهم يسألون }
وقد توسع بعض المفسرين وعلماء بعض المذاهب الكلامية في تخريج هذه الآية حتى صارت في عداد الحجج التي يحتج بها على كون الله تعالى قد قدر على الناس أفعالهم ، وكتب على الضالين الضلال وقضى عليهم بالعذاب ، وليس لأحد أن يسأله عما يبدو في هذا من تناقض أو عدم اتساق مع العدل أو حكمة إرسال الرسل ؛ لأن لله مطلق التصرف في خلقه على الوجه الذي تقترن به مشيئته ، فليس لأحد أن يسأله فيما يقضي ويفعل في خلقه في حين هم مسؤولون أمامه .
والذي يتبادر لنا أن سياق الآيات وروحها لا يتحملان هذا التوسع ولا يستدعيانه ، فالآية إنما جاءت في معرض تدعيم الرد على اتخاذ آلهة من دون الله وتزيفيه وبيان عجز الآلهة وعدم اتساق تعددها مع المنطق والعقل ، وتضمنت بيان مطلق تصرف الله في الكون من دون أن يكون لأحد حق في سؤاله في حين لو كان له شركاء لكان لهم حق في هذا السؤال ، ولقد كان المشركون يعتقدون ذلك فيه ويعبدون الشركاء لا على أساس أن لهم حق سؤال الله ، ولكن على أساس أنهم شفعاؤهم لديه فجاءت الحجة ملزمة مفحمة ، ومن الحق أن تبقى الآية في هذا النطاق ، وإذا كان حقا أنه ليس لعبد من عباد الله حق في سؤال الله عما يفعل وحكمته فيما يفعل ، فإن القرآن قد تضمن آيات كثيرة صريحة تقرر حكمة إرسال الرسل ودعوة الناس وتقرر مسؤولية الناس عن أعمالهم وحرية اختيارهم فيها وترتب ثوابهم وعقابهم وفقا لذلك بل وتقرر أن الله كتب على نفسه وعدا بنصر المرسلين والمؤمنين وكان وعده مفعولا ، وكان وعده مسؤولا مما مرت منه أمثلة عديدة ؛ بحيث يكون التوسع في تخريج هذه الآية على ذلك النحو مؤديا إلى تناقض يجب تنزيه الله وقرآنه عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.