جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا} (29)

{ محمد رسول الله } ، جملة تامة مبينة للمشهود به ، أو تقديره هو محمد ، ويكون قوله : { والذين معه } : الصحابة ، { أشداء{[4674]} على الكفار رحماء بينهم } ، جملة معطوفة على جملة ، أو محمد مبتدأ ، أو رسول الله عطف بيان ، والذين معه عطف على محمد ، و " أشداء " إلخ خبرهما ، أي : يغلظون على المخالفين يتراحمون فيما بينهم ، { تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود } أي : علامتهم في وجوههم ، و " من أثر " إما حال من ضمير في الخير ، أو بيان لسيما أي : يوم القيامة يكونون منورى الوجوه ، أو المراد خشوعهم وتواضعهم ، أو صفاؤهم أو صفرة اللون من السهر أو أثر التراب على الجباه فإنهم كانوا يسجدون على الأرض من غير حائل ، { ذلك } : المذكور ، { مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل } أي : صفتهم العجيبة في الكتابين ، { كزرع } أي : هم كزرع أو " مثلهم في الإنجيل " مبتدأ وهو خبره{[4675]} أو ذلك إشارة مبهمة ، وهو تفسيرها ، { أخرج شطئه } : فراخه ، { فآزره } : قواه ، { فاستغلظ } : صار من الدقة إلى الغلظ ، أو المراد المبالغة في الغلظ كما في استعصم ، ونظائره ، { فاستوى } : فاستقام ، { على سوقه } : على قصبه ، { يعجب الزراع{[4676]} } : لحسن منظره ، وعن قتادة : مثل أصحابه في الإنجيل أنهم يكونون قليلا ، ثم يزدادون ، وعن بعض : إن أصل الزرع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والشطء الصحابة- رضي الله عنهم- { ليغيظ بهم الكفار } ، علة للتشبيه ، أو تقديره قواهم ليغيظ ، وقيل : علة لقوله : { وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم } أي : من الصحابة ، ومن للبيان ، { مغفرة وأجرا عظيما } .

والحمد لله رب العالمين .


[4674]:قال الحسن: بلغ من تشديدهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم وتمسها، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم وتلزق بها، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه وعانقه، ومن حق المسلم في كل زمان أن يراعوا هذا التذليل وهذا التعطف فيشددوا على من ليس من دينهم، ويعاشروا إخوانهم المؤمنين في الإسلام متعطفين بالبر والصلة وكف الأذى والاحتمال عنهم/12 فتح.
[4675]:عطف جملة على جملة/12.
[4676]:الذين يعرفون حال الزرع، فكيف من لم يعرف حال الزرع!/12 وجيز.