التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡـَٔهُۥ فَـَٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا} (29)

قوله تعالى { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } .

قال البخاري : حدثنا خلاّد بن يحيى قال ، حدثنا سفيان عن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا ) وشبك أصابعه .

( صحيح البخاري 1/674- ك الصلاة ، ب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ح 481 ) ، وأخرجه مسلم ( الصحيح- البر والصلة ، ب تراحم المؤمنين 4/1999 ح 2585 ) .

قال ابن كثير : { والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } كما قال تعالى { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين } وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكافر ، رحيما برا بالأخيار ، غضوبا عبوسا في وجه الكافر ، ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { رحماء بينهم } ألقى الله في قلوبهم الرحمة بعضهم لبعض { تراهم ركعا سجدا } يقول تراهم ركعا أحيانا لله في صلاتهم سجدا أحيانا { يبتغون فضلا من الله } يقول : يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضا فضلا من الله ، وذلك رحمتهم إياهم ، بأن يتفضل عليهم ، فيدخلهم جنته { ورضوانا } يقول : وأن يرضي عنهم ربهم .

قال ابن كثير : وقوله { تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا } وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة ، وهي خير الأعمال ، ووصفهم بالإخلاص فيها لله- عز وجل- والاحتباس عند الله جزيل الثواب ، وهو الجنة المشتملة على فضل الله ، وهو سعة الرزق عليهم ، ورضاه تعالى عنهم وهو أكبر من الأول ، كما قال تعالى { ورضوان من الله أكبر } .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : { سيماهم في وجوههم } قال : السمت الحسن .

أخرج الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضا عن مجاهد { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } قال : الخشوع .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } يقول : علامتهم أو أعلمتهم الصلاة .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : { محمد رسول الله والذين معه } أصحابه مثلهم يعني مكتوبا في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق السماوات والأرض .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة { ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه } قال : هذا مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ، قيل لهم : إنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع ، منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله { كزرع أخرج شطأه } قال : ما يخرج بجنب الحقلة فيتم وينمي .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله { فآزره } قال : فشده وأعانه .