جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ} (2)

{ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } : لا تجاوزوا أصواتكم عن صوته ، { ولا تجهروا{[4677]} له بالقول } : جهرا ، { كجهر بعضكم لبعض } ، بل اجعلوا أصواتكم معه أخفض من أصوات بعضكم من بعض ، أو لا تخاطبوه باسمه وكنيته ، بل خاطبوه بالنبي والرسول ، كقوله { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } [ النور :63 ] نزلت في أبي بكر وعمر- رضي الله عنهما- حين تماريا في محضر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى ارتفعت أصواتهما ، فكان أبو بكر وعمر بعد ذلك يسرّانه{[4678]} ، { أن تحبط{[4679]} } أي : كراهة أو خشية أن تحبط ، { أعمالكم أنتم لا تشعرون } بحبطها ، وفي الصحيح " إن الرجل ليتكم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يكتب له بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض " {[4680]} وقد مر ،


[4677]:لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم إلا أن يكلموه بالهمس والمخافة، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة، أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه فيما بينهم، وهو الخلو من مراعاة أبهة- وتأبه الرجل أي: تكبر/12 صراح- النبوة وجلال مقدارها/12 منه.
[4678]:أخرجه البخاري وغيره.
[4679]:فقوله:{أن تحبط} مفعول له للا تجهروا بتقدير مضاف، والفعل المنهي معلل، وجاز أن يكون بعض المعاصي محبطا للطاعات، وأما عند المعتزلة، فجميع الكبائر محبط كالكفر، والعلماء صرحوا بكراهة رفع الصوت عند قبره الأطهر/12 وجيز. وفي المنهية يعني العلة الباعثة في عدم الجهر كراهة الحبطة أو خشيتها، وقيل: معناه الجهر الذي غايته الحبطة لا يصدر عنكم فعلى هذا الفعل المعلل منهي، وعلى ما في الكتب الفعل المنهي معلل/12.
[4680]:أخرجه البخاري وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا.