جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ} (10)

{ والذين جاءوا من بعدهم } المراد التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين ، { يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا } في الدين { الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا } حقدا { للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم } واعلم أن للفقراء لا يمكن أن يكون بدلا من الله وللرسول ؛ لأن الرسول أيضا لا يسمى فقيرا ، فهو بدل من لذوي القربى وما بعده ، ومن لم يشترط في ذوي القربى الفقر ، يقول : إن للفقراء ليس للقيد ، بل بيانا للواقع من حال المهاجرين ، وإثباتا لمزيد اختصاصهم ، وأن قوله :{ والذين تبوءوا الدار } عطف على الفقراء ، لا على المهاجرين ، سيما وقد ثبت فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الخلفاء رضي الله عنهم من بعده أنهم يعطون الأغنياء من ذوي القربى وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قرأ هذه الآية إلى قوله :{ رءوف رحيم } قال : استوعبت هذه المسلمين ، وليس أحد إلا له حق ، وقد خطر بخاطري أن الله تعالى سمى جميع المهاجرين والأنصار والتابعين فقراء ، وإن كانوا أغنياء ؛ لأنه لو كان المراد فقراءهم ؛ لناسب أن يقول لفقراء المهاجرين بطريقة الإضافة . وعن بعض المفسرين أن قوله :{ للفقراء } ليس بدلا بل تقديره أعجبوا{[4972]} لهم فإن السياق في مدحهم ، فإنه لما أمر بإتباع الرسول عجب الناس إتباع هؤلاء ، والذي يؤيده قوله : { ألم تر إلى الذين نافقوا } مصدرا بقوله : { ألم تر } وهي كلمة للتعجب ، فإن ذكرهم جاء مقابلا لذكر أضدادهم .


[4972]:العجب مستعمل بلام كقوله: عجبت لمولود وليس له أب/12 منه.