وقوله : { وَوَصَّى بِها إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ . . . }
في مصاحف أهل المدينة " وأَوصى " وكلاهما صوابٌ كثيرٌ في الكلام .
أي ويعقوبُ وصّى بهذا أيضا . وفي إحدى القراءتين قراءة عبد الله أو قراءة أُبَىٍّ : { أَنْ يَا بنَىَّ إن الله اصطفي لكم الدين }يوقع وصى على " أن " يريد وصّاهم " بأن " وليس في قراءتنا " أن " ، وكلّ صواب . فمن ألقاها قال : الوصيَّة قول ، وكلّ كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول أَنْ ، وجاز إلقاء أنْ ؛ كما قال الله عزَّ وجلَّ في النساء : { يوصِيكم اللّهُ في أولادِكم لِلذكرِ مثل حظِّ الأنثيين } لأن الوصيَّة كالقول ؛ وأنشدني الكسائي :
إني سأُبدي لك فيما أُبدي *** لي شَجَنان شَجن بنجد
*** وشجَن لي ببلاد السِنْد ***
لأن الإبداء في المعنى بلسانه ؛ ومثله قول الله عزّ وجلّ { وَعَدَ اللّهُ الَّذينَ آمنُوا وعَمِلوا الصالِحاتِ مِنْهم مغفِرةً } لأن العِدَة قول . فعلى هَذا يُبنى ما ورد من نحوه .
وقول النحويّين : إنما أراد : أن فأُلقِيتْ ليس بشيء ؛ لأن هذا لو كان لجاز إلقاؤها مع ما يكون في معنى القول وغيره .
وإذا كان الموضع فيه ما يكون معناه معنى القول ثم ظهرت فيه أن فهي منصوبة الألف . وإذا لم يكن ذلك الحرف يرجع إلى معنى القول سقطت أن من الكلام .
فأما الذي يأتي بمعنى القول فتظهر فيه أن مفتوحة فقول الله تبارك وتعالى : { إنا أَرْسَلْنا نُوحا إلى قَوْمِه أَنْ أَنذِر قومك } جاءت أن مفتوحة ؛ لأن الرسالة قول . وكذلك قوله { فانْطَلَقُوا وهم يَتَخَافَتُونَ . أَنْ لاَ يَدْخُلها } والتخافت قول . وكذلك كلّ ما كان في القرآن . وهو كثير . منه قول الله { وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحمدُ لِلّه } . ومثله : { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ [ على الظَّالِمين ] } الأذان قول ، والدعوى قول في الأصل .
وأما ما ليس فيه معنى القول فلم تدخله أن فقول الله { ولو تَرَى إِذ المجرِمون ناكِسُوا رُءُوسِهِم عِندَ رَبّهِم رَبَّنا أَبْصِرنا } فلما لم يكن في " أبصرنا " كلام يدلّ على القول أضمرت القول فأسقطت أن ؛ لأن ما بعد القول حكاية لا تحدث معها أن . ومنه قول الله { والملائكةُ باسِطوا أَيدِيهم أَخرِجوا أَنفسكم } . معناه : يقولون أخرجوا . ومنه قول الله تبارك وتعالى : { وإِذْ يَرْفَعُ إِبراهِيمُ القَواعِدَ مِن البيتِ وإِسماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنا } . معناه يقولانِ " رَبَّنا تَقَبَّلْ منا " وهو كثير . فقِس بهذا ما ورد عليك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.