الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِـۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ} (132)

ثم قال تعالى : ( وَأَوْصَى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ ) [ 131 ] .

أي : وأوصى بقوله : ( أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ ) إبراهيم –صلى الله عليه وسلم [ و ]( {[4228]} ) على محمد( {[4229]} )- بنيه ، وأوصى بها يعقوب صلى الله عليه وسلم [ و ]( {[4230]} ) على محمد [ بنيه ]( {[4231]} ) .

والهاء في " بها " ( {[4232]} ) تعود على كلمة الإسلام وهي قوله : ( أَسْلَمْتُ )( {[4233]} ) .

وقيل : تعود على الملة( {[4234]} ) ، وكلمة الإسلام أقرب إليها( {[4235]} ) .

[ وقيل : بل ]( {[4236]} ) أوصاهم باتباع الملة ، ف " يعقوب " على هذا معطوف على " إبراهيم " ( {[4237]} ) .

وقيل : إن يعقوب مرفوع بإضمار( {[4238]} ) فعل . والتقدير " وقال يعقوب : يا بني إن الله " ( {[4239]} ) .

والمعنى في " أَوْصَى " عهد إليهم بذلك ، وأمرهم به .

قال ابن عباس : " وصّاهم بالإسلام " ( {[4240]} ) .

وفي التشديد في " وصَّى " معنى تكرير الوصية .

وقوله : ( إِنَّ اللَّهَ اصطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ) [ 131 ] .

معناه : اختاره لكم . ودخلت الألف واللام في " الدين " لتقدم علمهم( {[4241]} ) به وتكرير الوصية عليهم .

ثم قال : ( فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ) [ 132 ] .

أي : فاتقوا الله أن تموتوا إلا على الإسلام .

والمعنى : لا تفارقن( {[4242]} ) هذا الدين أيام حياتكم لأن أحداً لا يدري متى تأتيه منيته ، فلذلك قال لهم : لا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، لأنكم لا تدرون متى يأتيكم الموت ، ولم ينههم عن الموت/ لأن ذلك ليس إليهم .

وقيل : المعنى : الزموا الإسلام ، فإذا أدرككم الموت صادفكم( {[4243]} ) مسلمين( {[4244]} ) .

وعرف المعنى كما عرف في قول العرب/ " لا أَرَيَنَّكَ( {[4245]} ) هَا هُنَا " . فالنهي في اللفظ للمتكلم ، وفي المعنى للمتكلم أي : لا تكن ها هنا ، فإنه من يكن ها هنا أراه( {[4246]} ) .

قال الأخفش : " ( بَنِيهِ ) ، قطع ، ثم يبتدئ : ( وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ ) ، أي : وقال يعقوب : يا بني " ( {[4247]} ) .

وقال أبو حاتم وغيره : " الوقف ( وَيَعْقُوبُ ) ، ثم يبتدئ( {[4248]} ) ( يَا بَنِيَّ ) " ( {[4249]} ) . أي : ( {[4250]} ) وقال كل واحد منهما : ( يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى( {[4251]} ) لَكُمُ( {[4252]} ) الدِّينَ ) .


[4228]:- تكملة موضحة من ق. وهي ساقطة من سائر النسخ.
[4229]:- قوله "على محمد" ساقط من ع2، ع3.
[4230]:- سقط من ع1.
[4231]:- سقط من ع1، ع3.
[4232]:- في ق: بهما. وهو تحريف.
[4233]:- انظر: تفسير القرطبي 2/135.
[4234]:- في ع3: الكلمة. وهو تحريف.
[4235]:- انظر: تفسير القرطبي 2/135.
[4236]:- في ع1، ق: ثم قال. وفي ع3: وقيل.
[4237]:- انظر: معاني الأخفش 1/149.
[4238]:- سقط من ع2، ع3.
[4239]:- انظر: معاني الأخفش 1/149.
[4240]:- انظر: جامع البيان 3/94، والدر المنثور 1/336. انظر: كتاب السبعة 171، والكشف 1/265، والتبصرة 155، والتيسير 76، وكتاب العنوان 71، والحجة 115، والنشر 2/223، والتحبير 89.
[4241]:- في ع3: عليهم. وهو تحريف.
[4242]:- في ق: تفارقوا.
[4243]:- في ع3: صادقتكم.
[4244]:- انظر: تفسير القرطبي 2/136-137.
[4245]:- في ق: أراك.
[4246]:- انظر: هذا التوجيه في المحرر الوجيز 1/364.
[4247]:- انظر: معانيه 1/145، وراجع أيضاً كتاب القطع والإئتناف 133، والإيضاح في الوقف 1/533.
[4248]:- قوله: "ويعقوب يا بني أي... ثم يبتدئ" ساقط من ع3.
[4249]:- انظر: كتاب القطع والإئتناف 163، والمكتفى 276.
[4250]:- سقط من ع3.
[4251]:- في ع3: أصفى. وهو تحريف.
[4252]:- في ع2، ع3: له.