معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (78)

وقوله : { لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ . . . } فالأمانيّ على وجهين في المعنى ، ووجهين في العربية ؛ فأما في العربية فإنّ من العرب من يخفّف الياء فيقول : { إِلاَّ أَمانِي وَإِنْ هُمْ } ومنهم من يشدِّد ، وهو أجودُ الوجهين . وكذلك ما كان مثل أمنيّة ، ومثل أضحيّة ، وأغنيّة ، ففي جمعه وجهان : التخفيف والتشديد . وإنما تشدّد لأنك تريد الأفاعيل ، فتكون مشدّدة لاجتماع الياء من جمع الفعل والياء الأصلية . وأن خفّفت حذفتَ ياء الجمع فخففت الياء الأصلية ، وهو كما يقال : القَراقير والقَراقر ، ( فمن قال الأمانِي بالتخفيف ) فهو الذي يقول القراقِر ، ومن شدّد الأماني فهو الذي يقول القراقير . والأمنِيّة في المعنى التلاوة ، كقول الله عزّ وجلّ : { إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّتِهِ } أي في تلاوته ، والأمانيّ أيضا أن يفتعل الرجل الأحاديث المفتعلة ؛ قال بعض العرب لابن دَأْب وهو يحدّث الناس : أهذا شيء رويتَه أم شيء تَمنَّيته ؟ يريد افتعلته ، وكانت أحاديث يسمعونها من كبرائهم ليست من كتاب الله . وهذا أبين الوجهين .