الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (78)

و { أُمِّيُّونَ } هنا : عبارةٌ عن عامَّة اليهود وجهلتهم ، أي : أنهم لا يطمع في إيمانهم ، لما غمرهم من الضَّلاَل ، والأُمِّيُّ في اللغة : الذي لا يكتب ولا يقرأ في كتابٍ ، نُسِبَ إلى الأُمِّ ، إِما لأنه بحالِ أمِّه من عَدَمِ الكتب لا بحال أبيه ، إذ النساء ليس من شغلهن الكَتْبُ ، قاله الطبريُّ ، وإما لأنه بحال ولدته أمه فيها لم ينتقل عنها ، و{ الكتاب } : التوراة .

و{ الأَمَانِيُّ } جمع أُمْنِيَّة ، واختلف في معنى { أَمَانِيَّ } ، فقالت طائفة : هي ههنا من : تمنَّي الرجل ، إذا ترجى ، فمعناه أن منهم من لا يكْتُب ولا يقرأ ، وإنما يقول بظنِّه شيئاً سمعه فيتمنى أنه من الكتاب ، وقال آخرون : هي من تمنى إذا تلا ، ومنه قول الشاعر : [ الطويل ]

تمنى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ *** وَآخِرَهُ لاقى حِمَامَ المَقْادِرِ

فمعنى الآية أنهم لا يَعْلَمُون الكتاب إِلاَّ سماع شيْءٍ يتلى ، لا عِلْمَ لهم بصحَّته ، وقال الطبريُّ : هي من تَمَنَّى الرجُلِ ، إذا حدَّث بحديث مختلَقٍ كذبٍ ، أي لا يعلمون الكتاب إِلا سماعَ أشياء مختلَقَةٍ من أحبارهم يظنُّونها من الكتاب .

( ص ) { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }[ البقرة :78 ] . إِنْ نافية بمعنى مَا ، انتهى .