بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ} (78)

قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكتاب } ، أي من أهل الكتاب وهم السفلة أميون لا يقرؤون الكتاب ، لا يحسنون قراءة الكتاب ولا كتابته . وقال الزجاج : الأمي المنسوب إلى ما عليه جبلة الأمة ، يعني هو على الخلقة التي خلق عليها لأن الإنسان في الأصل لا يعلم شيئاً ما لم يتعلَّم . { إِلاَّ أَمَانِيَّ } ، قال بعضهم : إِلا التلاوة ، وهذا كما قال في آية أخرى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان فى أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان ثُمَّ يُحْكِمُ الله آياته والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [ الحج : 52 ] ، أي في تلاوته . يقول : إن السفلة منهم كانوا لا يعرفون من التوراة شيئاً سوى تلاوته . وقال بعضهم : { إلا أماني } : إلا أباطيل . وروي عن عثمان بن عفان أنه قال : منذ أسلمت ما تغنيت ولا تمنيت ، أي ما تكلمت بالباطل . وروي في الخبر أن الإنسان إذا ركب دابته ولم يذكر الله تعالى ، صكّه الشيطان في قفاه ويقول له : تغنَّ فإن لم يحسن الغناء ، يقول له : تمنَّ أي تكلم بالباطل . { وَإِنْ هُمْ } ، أي وما هم { إِلاَّ يَظُنُّونَ } ، لأنه قد ظهر لهم الكذب من رؤسائهم فكانوا يشكون في أحاديثهم وكانوا يظنون من غير يقين . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إياكم والظن فإنه من أكذب الحديث »