فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ} (77)

هذا شروع في إنجاء بني إسرائيل وإهلاك عدوّهم ، وقد تقدّم في البقرة ، وفي الأعراف ، وفي يونس واللام في : { لقد } هي الموطئة للقسم ، وفي ذلك من التأكيد ما لا يخفى ، و«أن » في : { أن أسر بعبادي } إما المفسرة لأن في الوحي معنى القول ، أو مصدرية ، أي بأن أسر ، أي أسر بهم من مصر . وقد تقدّم هذا مستوفى . { فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً فِي البحر يَبَساً } أي اجعل لهم طريقاً ، ومعنى { يبساً } : يابساً ، وصف به الفاعل مبالغة ، وذلك أن الله تعالى أيبس لهم تلك الطريق حتى لم يكن فيها ماء ولا طين . وقرئ : «يبسا » بسكون الباء . على أنه مخفف من يبسا المحرك ، أو [ جمع ] يابس كصحب في صاحب . وجملة { لاَ تَخَافُ دَرَكاً } في محل نصب على الحال ، أي آمنا من أن يدرككم العدوّ ، أو صفة أخرى لطريق ، والدرك اللحاق بهم من فرعون وجنوده . وقرأ حمزة : «لا تخف » على أنه جواب الأمر ، والتقدير : إن تضرب لا تخف ، و{ لا تخشى } على هذه القراءة مستأنف ، أي ولا أنت تخشى من فرعون أو من البحر . وقرأ الجمهور : { لا تخاف } وهي أرجح لعدم الجزم في : { تخشى } ويجوز أن تكون هذه الجملة على قراءة الجمهور صفة أخرى لطريق ، أي لا تخاف منه ولا تخشى منه .

/خ91