الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَقَدۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَسۡرِ بِعِبَادِي فَٱضۡرِبۡ لَهُمۡ طَرِيقٗا فِي ٱلۡبَحۡرِ يَبَسٗا لَّا تَخَٰفُ دَرَكٗا وَلَا تَخۡشَىٰ} (77)

{ فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً } فاجعل لهم ، من قولهم : ضرب له في ماله سهما . وضرب اللبن : عمله . اليبس : مصدر وصف به . يقال : يبس يبساً ويبساً ونحوهما : العدم والعدم . ومن ثم وصف به المؤنث فقيل : شاتنا يبس ، : وناقتنا يبس : إذا جف لبنها . وقرىء : «يبساً » و«يابساً » ولا يخلو اليبس من أن يكون مخففاً عن اليبس . أو صفة على فعلٍ . أو جمع يابس ، كصاحب وصحب ، وصف به الواحد تأكيداً ، كقوله :

. . . . . . وَمِعى جياعاً . . . ***

جعله لفرط جوعه كجماعة جياع { لاَ تَخَافَآ } حال من الضمير في ( فاضرب ) وقرىء «لا تخف » على الجواب . وقرأ أبو حيوة «دَرْكاً » بالسكون . والدرك والدرك : اسمان من الإدراك ، أي : لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك . في { وَلاَ تخشى } إذا قرىء : «لا تخف » ثلاثة أوجه : أن يستأنف ، كأنه قيل وأنت لا تخشى ، أي : ومن شأنك أنك آمن لا تخشى ، وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء هي لام الفعل ولكن زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة ، كقوله : { فَأَضَلُّونَا السبيلا } [ الأحزاب : 67 ] ، { وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } [ الأحزاب : 10 ] وأن يكون مثله قوله :

كَأَنْ لَمْ تَرَى قَبْلِي أسيراً يَمَا نِيَا ***