الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} (2)

قوله : { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } : متعلقٌ ب " أعوذُ " ، والعامَّةُ على إضافةِ " شَرِّ " إلى " ما " . وقرأ عمرو بن فائد بتنوينه ، وقال ابنُ عطية : " عمرو بن عبيد وبعضُ المعتزلة الذين يَرَوْن أنَّ اللَّهَ لم يَخْلُقِ الشرَّ : " مِنْ شَرٍ " بالتنوين " ما خلقَ " على النفي ، وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيَّةٌ على مذهبٍ باطلٍ " انتهى ، ولا يتعيَّن أَنْ تكونَ " ما " نافيةً ؛ بل يجوزُ أن تكونَ موصولةً بدلاً مِنْ " شر " على حذفِ مضافٍ ، أي : من شَر شَرِّ ما خَلَقَ . عَمَّم أولاً [ ثم خَصَّص ثانياً ] . وقال أبو البقاء : " و( ما ) على هذا بدلٌ مِنْ " شرّ " أو زائدةٌ . ولا يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةٌ ؛ لأنَّ النافيةَ لا يتقدَّمُ عليها ما في حَيِّزِها . فلذلك لم يَجُزْ أَنْ يكونَ التقدير : ما خَلَقَ مِنْ شر ، ثم هو فاسِدُ المعنى " قلت : وهو رَدٌّ حسنٌ صناعيٌّ . ولا يقال : إنَّ " مِنْ شرّ " متعلقٌ ب " أعوذُ " ، وحُذِفَ مفعولُ " خَلَق " ؛ لأنه خلافُ الأصلِ . وقد أَنْحى مكيُّ على هذا القائلِ ، ورَدَّه بما تقدَّم أقبحَ رَدّ . [ و " ما " مصدريةٌ ، أو بمعنى الذي ] .