قوله : { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } ، متعلق ب » أعوذ « ، والعامة : على إضافة » شرِّ «إلى » ما ، وقرأ{[61139]} عمرو بن فايد : «مِنْ شرِّ » بالتنوين .
وقال ابن عطية{[61140]} : وقرأ عمرو بن عبيد وبعض المعتزلة الذين يرون أن الله لم يخلق الشَّر : «مِنْ شرّ »ِ بالتنوين ، «مَا خلقَ » على النفي ، وهي قراءةٌ مردودةٌ مبنيةٌ على مذهب باطل ، انتهى .
ولا يتعين أن تكون «ما » نافية ؛ بل يجوز أن تكون موصولة بدلاً من «شرِّ » على حذف مضاف ، أي : من شر شر ما خلق ، عمم أولاً ، ثم خصص ثانياً .
وقال أبو البقاء{[61141]} : و «ما » على هذا بدل من «شر » ، أو زائدة ، ولا يجوز أن تكون نافية ؛ لأن النافية لا يتقدم عليها ما في حيزها ، فلذلك لم يجز أن يكون التقدير : ما خلق من شر ، ثم هو فاسد في المعنى ، وهو رد حسن صناعي ، ولا يقال : إن «مِنْ شرِّ » متعلق ب «أعُوذُ » ، وقد أنحى مكي على هذا القائل ، ورده بما تقدم .
و «ما » مصدرية ، أو بمعنى «الذي » .
روى عطاء عن ابن عباس : يريد إبليس خاصة ؛ لأن الله تعالى لم يخلق أشرَّ منه ، وأن السورة{[61142]} إنما نزلت في الاستعاذة من السِّحر ، وذلك إنَّما يتم بإبليس وجنوده ، لعنهم الله{[61143]} ، وقيل : جهنم وما خلق فيها .
وقيل : عام ؛ أي من شر كل ما خلقه الله ، وقيل : ما خلق الله من الأمراض ، والأسقام [ والقحط ]{[61144]} وأنواع المِحَنْ .
وقال الجبائي والقاضي{[61145]} : هذا التقييد باطل ؛ لأن فعل الله - تعالى - لا يجوز أن يوصف بأنه شر ؛ لأن الذي أمر بالتعوذ منه هو الذي أمر به ، وذلك متناقض ؛ لأن أفعاله - تعالى - كلها حكمة وصواب ، فلا يجوز أن يقال : شرّ .
وأيضاً : فلأن فعل الله لو كان شرَّا ؛ لوصف فاعله بأنه شر ، وتعالى الله عن ذلك .
والجواب عن الأول : أنه لا امتناع في قوله : أعوذ بك منك ، كما رد عن الثاني أن الإنسان لم تألم وصف بالألم كقوله تعالى : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } [ الشورى : 40 ] ، وقوله تعالى : { فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ } [ البقرة : 194 ] .
وعن الثالث : أن أسماء الله توقيفية لا اصطلاحية ، ومما يدل على جواز تسمية الأمراض والأسقام بأنها شرور قوله تعالى : { إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً } [ المعارج : 20 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.